«إن الهدف الأسمى للتخطيط هو إرضاء الله تعالى، وتنفيذ أوامره والابتعاد عن نواهيه، والأصل في المعاملات الإسلامية الإباحة، ومن ثم يتعين على التخطيط أن يتم في إطار هذه القاعدة، بأن يبتعد عن كل محرم وأن يلتزم بقواعد الحلال والحرام في جميع ما يستهدفه».

ولقد قال صلى الله عليه وسلم: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو العفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، وتلا الآية: {وما كان ربك نسيا}.

«البزار والحاكم في مسندهما». ومن هنا ينبغي على التخطيط أن يكون محافظا على الضرورات الخمس، التي حددها الشارع وهي: الدين والنفس والنسل والمال والعقل، إن التخطيط لمواجهة المستقبل لصالح العباد والبلاد، والأخذ بالأسباب لمواجهة الأحداث تحض عليه الشريعة، وتدعو إليه العقيدة، فالأحداث التي يواجهها المسلمون، والقوى المتربصة بالأمة الإسلامية، والخطر الذي يهددها والآمال والطموحات التي تسعى إليها، والإمكانيات والموارد المحدودة، والاستخدامات البديلة المتاحة والمحدودة، تجعل من التخطيط ضرورة هامة.


والتخطيط ينبغي أن يهدف أيضا لتحقيق الأمن والمنعة، يقول تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} الأنفال، الآية 60. كما أن التخطيط في الإسلام لا يقوم على الظن، بل على المعرفة والحقائق المستنبطة من المعلومات والبيانات الجيدة، والتخطيط بوضع الأهداف يكون دائما في حدود الطاقات والإمكانيات، يقول سبحانه وتعالى: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة من الآية 286. ويقول عز وجل: { لا تكلف نفس إلا وسعها} البقرة من الآية 233.

«والتخطيط في الإدارة الإسلامية هو أساس تحقيق المجتمع الإسلامي، الذي يقوم على النمو والتنمية والعزة والكرامة، وليس العوز والفاقة، وعليه تصبح المنظمة الإدارية في الإسلام أداة تلبية وانتفاع، ونفع متبادل للمسلمين وعون لهم لإيجاد المجتمع القادر على إشباع حاجاته، وتوفير الأمن والكفاية للأفراد»، ومن ثم فالتخطيط في الفكر الإداري الإسلامي، يضع نظاما متكاملا تشمله الخطة، التي في إطارها تنتظم كافة الجهود، وتتوالى في إطار تراكمي يتم الوصول منه إلى نتائج إيجابية، كما يتجه التخطيط في الفكر الإداري الإسلامي، إلى عمارة الأرض وعمارة الكون، يقول الحق سبحانه وتعالى: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} هود، من الآية 61.

ونجاح التخطيط يقتضي الالتزام بالخطة، والسعي نحو تنفيذها وعدم القيام بتغييرها مرة تلو الأخرى، ما لم تكن هناك ضرورة ملحة، لأن الخطة تتضمن برامج ذات مهام محددة، ولكل منها وقت محدد يتعين تنفيذها فيه، خاصة وأن أي عمل إداري هو مكون من أجزاء، وكل جزء متمم للأجزاء الأخرى، فإن حدث أي تغيير مفاجئ أو تباطؤ أو قصور في أي منها، فسوف تتأثر باقي الأجزاء الأخرى بذلك. يقول الحق تبارك وتعالى: { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } الجاثية، الآية 21.

ومن ثم يجب لنجاح التخطيط في الفكر الإداري الإسلامي، وضوح وتحديد الهدف مع صدق النية، لأن ذلك يساعد على توحيد الجهود، وعلى منع التضارب والازدواج، والتعارض بين الأفراد وأجزاء المنظمة الواحدة.