فلو نظر الإنسان إلى وجوه البشر، لوجد أن في صورة ملامح لا تتناسق إلا مع صاحبها، بل وتميزهّ وتليق به أكثر من غيره، وهذا بلا شك يعجز عن إتقانه طبيب تجميلي، فالطبيب يقوم بعمله حسب المعطيات والآراء البشرية التي تصيب وتخطئ، بل إن بعض الأطباء نسي مهنته وأصبح مندوبا تسويقيا على وجوه المراجعين، الذين يغلب عليهم هوس التجميل، ويقوم بعمله على عكس دوره الذي عرف عنه، كعلاج الحالات الحرجة والحروق وغيرها مما يستوجب تدخله، طمعاً في المادة.
وكم قرأنا وسمعنا عن عيادات طب تشويهي، وليس تجميليا لبعض الحالات، نسأل الله العافية.
فلو تأملت معظم أطباء التجميل الذين يجملون وجوه وأجسام غيرهم «كما يدعون»، لرأيت أن أكثرهم على طبيعته وهيئته التي خلقه الله عليها.
وهنا يظهر أن المسألة في الغالب هي اهتزاز ذاتي من قبل المراجع نفسه، وعززه و شرعنه بعض المشاهير الذين يعكسون ضعف ثقتهم بأنفسهم وعقدهم على حياة متابعيهم، بل ويعلنونها بفخر وبصورة مقززة، وكأن أجسادهم خلقت ليقيمها ويغيرها الطبيب في عيادته.
فهل نحن في زمن صارت به الأجساد دمى، يزيفها الطبيب حسب الطلب ؟!
إن الإنسان الذي يصاب بهوس الكمال والجمال بحاجة ماسة لعملية، يجمل بها ثقته بصنع الله تعالى ثم بنفسه، وبحاجة كذلك لعملية تجعله ينظر بعين الرضا، بما ميزه الله تعالى عن غيره، فالكمال لله وحده.