رغم أن الحديث عن رفض الشباب للعمل أصبح مكرراً وأسطوانة مشروخة، فإنه يظل بحاجة إلى تفنيد لمواجهة ممانعي توطين الوظائف بأمثلة من الواقع لعل وعسى يتوقفون (يستحون) عن اتهام المواطنين خاصة الشباب منهم بالكسل. لأنه لم يعد مقبولاً أن يوصف الخريج سواء من الجامعة أو المعهد بعدم الجدية في العمل وأنه لا يقبل الوظيفة الدنيا وإن قبلها فسرعان ما يتركها. فهذا الكلام يعني ببساطة ترصداً يهدف لمقاومة خطط وزارة العمل لتوطين الوظائف ومن ثم تمكين ممانعي السعودة من استقدام عمالة أجنبية رخيصة على حساب المواطنين الذين هم أحق بفرص العمل.
هؤلاء الممانعون يريدون منا الوقوف بجانبهم فيزعمون أن مجتمعنا يواجه مشكلة بسبب رفض الشباب لفرص العمل المتوفرة لدى القطاع الخاص. وللخروج من هذه المشكلة، يضعون الشباب أمام خيارين إما القبول بالرواتب المتدنية وإما الرفض! ولكي يدعموا حجتهم، يتغنون بالجيل القديم ويقولون إنه لم يكن يتأفف من أي عمل حتى لو كان متواضعاً فكان منهم من يعمل سائقاً في الوزارات وعاملاً في الشركات. رغم هذا التجني وعدم التفريق بين المؤهل الجامعي والمؤهل الابتدائي، فإنهم يضعون الجيل الجديد في موقف الرافض إن لم يقبلوا العمل في قيادة السيارات والحراسة وحلقة الخضار.
في الواقع، إن لهؤلاء الممانعين دوراً في زيادة حجم المشكلة وبالتالي فإن جانباً مهما من أسباب علاجها يقع على عاتقهم. لذلك قبل مطالبتهم للشباب بقبول أي عمل، عليهم أن يوفروا لهم رواتب مجزية تتلاءم مع متطلبات الوظيفة وتفي بمتطلبات الحياة. لأنه من غير المعقول مثلاً مطالبتهم بالتنافس في سوق العمل في الوقت الذي تُستقدم فيه عمالة أجنبية بأقل من نصف الراتب المستحق مستغلة مستوى الدخل المتدني لجنسيات العمالة الأجنبية.