الوظيفة والأصدقاء، والأسرة، والأماكن، والمنزل والرحلات، والموسيقى، والشعر الذي تحب.
كثيرون جعلوا أنفسهم في حالة اضطرار دائم، وليس اختيارا عاقلا هادئا متزنا، معللين كل انتكاسة أو تعثر في الحياة بالقدر والحظ العاثر، وكأن القدر وجد ليشقيك بدلا من إسعادك - تعالى الله عن ذلك - وكأن الحظ العاثر حصري بك دون غيرك.
فتلك الوظيفة المحدودة الأفق، والموارد والعوائد غالبا من اختيارك، لأنك لم تُحسن الاستعداد للوظيفة الأخرى التي تناسب طموحك وأحلامك، وفضلت الدِّعة والخمول، ففاتك بعض ما كنت تطمح إليه، وهنا عليك أن تعرف أن أفق الحياة ما زال متاحا لك، وأنّ الفرصة لم تتبدد بعد، فهي في تجدد دائم مدى العمر، ولكن عليك أن تفهم أولا شروط تغيير معادلتك الراهنة.
عليك بداية أن تقوم بتغيير بعض قواعد حياتك الحالية، سواء في الجانب المعرفي أو من زاوية الجدارات والعلاقات، وستجد حينها أن هناك الكثير من التغييرات المطلوبة قد حدثت، وأنك سلكت طريقا جديدا له تحدياته وقوانينه ومتعته، والشواهد على تغيُّر أحوال الكثير من المتعثرين عديدة، لأنهم أعادوا التحكم في حياتهم مرةً أخرى. وكذلك الصداقة والعلاقات والأماكن والرحلات أنت من يحدد كيف يجب أن تكون، فمصاحبتك الأذكياء تجلب لك الفرص الرائعة، وتكسبك الكثير من مكافآت الحياة الجميلة التي لا تكون إلا للنابهين الأذكياء، وبالقانون السابق نفسه ستكون شقيا لو اخترت القارب نفسه الذي صعد عليه الأشقياء، لأنك حينئذ ستكون عرضة للمشكلات الجمعية، التي يجتذبونها بسوء استعدادهم، وقلة حيلتهم، ومن ثم ستحصد النتائج نفسها التي واجهتهم.
إننا في سعينا الدائم في الحياة نقرر الكثير من النتائج المسبقة دون وعي منا، ومع ذلك فلا بد أن نفهم أنها تحدث بقياسات المسطرة نفسها التي سبق لها أن منحت أو منعت غيرك، لأن للحياة قوانينها المطردة، التي تحتفي بكل من يحترمها ويتفاعل معها بصورة إيجابية.
أما ذلك الآخر الذي تمنى الأماني، وأهمل الأسباب الموصلة للنجاح، فلن يذهب أبعد من تلك الخطوة المثقلة بكل سمات الحظ العاثر، الذي سيكون كالعادة المشنقة الأخيرة التي نعلق عليها كل كبوة تهوي بنا في منحدر الفشل، ولا عزاء للخاسرين.