يمكن قراءة المشهد في المنطقة عموماً على أنه حصيلة التصادم في المصالح بين القوى الكبرى، إلى جانب الأزمات والإرهاب والاستثمار في الجانب العسكري، والسيطرة على الموارد الطبيعية، وعلى منابع الطاقة وخطوط أنابيب الغاز في هذه المنطقة الحيوية ومسارات عبورها ووصولها، وبأقل تكلفة إلى مصانع ومجمعات منظومة الدول المتصارعة، فكانت ساحة الصراع المباشر منطقة الشرق الأوسط، الصراع الدائر اليوم بتعقيداته الإقليمية يعّد ساحة حقيقية لانبثاق نظام دولي جديد، فالولايات المتحدة تلعب اليوم دور المهيمن في حين تلعب كل من روسيا والصين دور المتربص بتراجع هذا المهيمن، فالخسائر الكبرى التي منيت بها الولايات المتحدة جعلتها في موقف مضطرب وتراجع نسبي، وسمح في الوقت ذاته لكل من القوى الصاعدة أن تحاول إيجاد موطئ قدم مناسب لمكانتها الإقليمية أو الدولية.

فالتحالف بين روسيا والصين تجاه الأزمات الدولية الكبرى سيجعلها حتما ذات تأثير ودور قوي ولن يتوانى في اختيار الوقت الحاسم لإحداث التغيير في بنية النظام الدولي.

لا يخفى على المتابع أن العراق جزء من خارطة الأحداث والمتغيرات في المنطقة العربية، وأن أي تغيير فيها سواء أكان سلباً أو إيجاباً فإن العراق يتأثر بهذا المتغير، لذلك فإن مسار الأحداث المستقبلية في العراق لا يمكن التكهن به بسهولة كون الأحداث السياسية في العراق متشابكة ومعقدة ومركبة، وهذا التعقيد يأتي من المواقف السياسية المتباينة بين الكيانات السياسية والتي تظهر أشياء وتخفي أشياء أخرى، وعليه فإن عملية تفكيك جزيئاتها ليست بالأمر السهل.


كما أن التغيير في أسعار النفط ألقى بظلاله على مستقبل مواجهة العراق لتحدٍ مصيري، وهذا التحدي قائم على تفاعلات إقليمية أساسها الربح والخسارة، الأمر الذي يجعل جميع الأطراف العراقية في نقطة مشتركة لمواجهة التحديات وهي مجبرة على ذلك، سواء رغبت أم لم ترغب مع محاربة الفساد الإداري وإعادة البناء.

الأنظار متوجهة إلى ما يصدر من اجتماعات فينا والخاصة بملف إيران النووي، والذي يرتبط بالواقع السياسي والعسكري للشرق الأوسط عموماً، إذا ما وضعنا في الحسبان التقارب الملحوظ بين دول الخليج العربي وإيران، والذي سيكون له الأثر الإيجابي في التهدئة بالمنطقة عموماً، لذلك لا يمكن قراءة ملف وترك آخر، فكل الملفات مرتبطة مع بعضها، وأن أي تقدم في ملف يعني نجاحا في باقي الملفات.