تدل ثقوب كثيرة حفرت على الصخور جوار مدخل منجم مهد الذهب في المحافظة الذهبية جنوب المدينة المنورة على اختبارات عمال المنجم السعوديين قبل التحاقهم بالعمل فيه، بعد أن وضع لهم امتحان ثقب الصخور لمعرفة مدى الصلابة والقوة قبل الالتحاق بالعمل الذي كان يعطي كل موظف مرتبًا شهريًّا لم يكن يتخطى النصف ريال.

وأشارت الثقوب إلى أن السعوديين التحقوا بمجال التعدين منذ بداية التعدين في الخليج العربي، وكان لهم باع طويل في عمليات التعدين، وهو ما أكده مرارًا مدير منجم مهد الذهب الذي استفاض في الحديث عن دور السعوديين في استخراج المعادن من المناجم.

أقدم المناجم


يعد منجم مهد الذهب أكبر وأقدم مناجم جزيرة العرب، ونشطت عمليات تعدين الذهب فيه على عدة مراحل منذ قبل الإسلام وحتى الآن، ودلت الآثار المكتشفة في المنجم على أنه تم استغلاله قبل حوالي 3 آلاف سنة، حيث تم استخراج كميات كبيرة من الذهب من المنجم، وذلك حوالي سنة 950 قبل الميلاد، وذلك يتزامن مع عهد سبأ في اليمن، وعهد سيدنا سليمان عليه السلام في الشام.

وفي عهد النبوة تم تعدين المنجم، وكان يعرف بمعدن بني سليم حيث قامت على استغلاله قبائل بنو سليم، كما يدل ذلك على الخبر الذي رواه ابن عبدالبر وابن حجر من قدوم ابن حصين السلمي، وهو أحد أصحاب الرسول الأجواد إلى المدينة المنورة بذهب من المنجم معدن بني سليم فقضى دينا كان على رسول الله.

كما تشير البقايا الأثرية، وتقدير عمر الكربون المشع لمخلفات التعدين أن الأعمال التعدينية القديمة الواضحة قد تمت خلال الخلافة العباسية منذ 170هجرية.

في العهد السعودي

نشطت عمليات تعدين المنجم في عهد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز في أوائل الثلاثينيات القرن الميلادي الماضي، حيث تقابل الملك عبدالعزيز ووزير المالية عبدالله السليمان مع السياسي الأمريكي روبرت عام 1931 وهو تاريخ التعدين الحديث في المملكة، فقد عرض كرين مشاريع اقتصادية طموحة للكشف على المياه والمعادن مع إرسال خبراء للقيام بتلك المهمة، وقام المهتمون بمباشرة البحث عن المناجم القديمة وغيرها على امتداد ساحل البحر الأحمر إلى جازان وينبع والأحساء، حيث قام مهندس التعدين الأمريكي كارل توتيشل بتأسيس نقابة التعدين العربية السعودية سامس للقيام بعمليات الاستكشاف المعدني في الدرع العربي، وفي عام 1934 قامت المملكة العربية السعودية بتوقيع اتفاقية التعدين مع سامس، وفي عام 1935 باشرت النقابة عملها في تشغيل المنجم القديم لمهد الذهب، وفي عام 1939 تم استخراج وتركيز معدني الذهب والفضة من منجم مهد الذهب من قبل نقابة التعدين في المملكة، حيث استمر العمل لمدة 15 عامًا، وتم إنتاج ما يزيد عن 900 ألف أونصة من الذهب، وأكثر من مليون أونصة من الفضة حيث أسهم في دعم الاقتصاد وتوطين وتشغيل الأهالي.

الركيزة الثالثة

تعد المعادن الركيزة الثالثة، ونتيجة لاهتمام الدولة بقطاع التعدين تم إنشاء المديرية العامة للثروة المعدنية في العام 1961، وتواصلت جهود الدولة في البحث عن المعادن فتم اكتشاف الذهب بعدة مناطق بالمملكة، وفي عام 1983 تم افتتاح منجم مهد الذهب مرة أخرى في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، والتعدين ما زال مستمرًا في المنجم حتى اليوم.

وأوضح مدير منجم مهد الذهب المهندس صالح الطيار أن «منجم مهد الذهب شهد على العصور القديمة، ففي بداية الإسلام كان يسمى منجم معدن بني سليم، وكانت تستخرج منه الزكاة، وكانت الطريقة القديمة لاستخراج الذهب تسمى بالجرنقش، وهي عبارة عن استخدام الخام، وفي بداية الدولة السعودية أقر المؤسس الملك عبدالعزيز البحث عن المياه والمعادن في باطن الأرض وتم ابتعاث رحلة جيولوجية واكتشاف مهد الذهب مرة أخرى، وتم العمل عليه حيث أسست أول شركة للتعدين في الخليج العربي، وأول الشركات المؤسسة بالشرق الأوسط 1929، وفي عام 1932 تم الإنتاج من هذا الموقع، وكان رتبة الذهب فيه تصل إلى 200 جرام بالطن، وتعد نسبة عالية واستغل المنجم من 1929 - 1954، وبعدها أغلق، وفي عام 1960 شهد عملية تطوير من شركة جولدتن، وفي 1980 اشترته شركة بترومين وبدأت عملية التعدين في المنجم الحديث، وتم إعادة اكتشاف المنطقة القديمة في عام 1990 مرة أخرى، وحتى الآن ولله الحمد وفي جميع مناطقه الثلاث الشمال والوسطى والجنوب يعد منتجا للذهب».

وأشار الطيار إلى «أن المنجم ينتج حاليًا نحو 200 ألف طن بالسنة، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج في عام 2025 إلى 4 ملايين طن بالسنة، وهذا سيقلل كلفة الإنتاج».

وقال الطيار إن «عمال المنجم هم من أبناء الوطن، قد شهدوا العمل في المنجم منذ بدايته، وكانت تجرى لهم اختبارات ما تزال ثقوب الصخور تشهد عليها، وكان الهدف منها تحديد قوة وصلابة المتقدمين للعمل بالمنجم، حيث يقيّم المتقدم بناء على إنجازه بالحفر على الصخور، وكانت الرواتب حينذاك نصف ريال للشخص الواحد شهريا».

منجم مهد الذهب

أقدم منجم في الجزيرة العربية

تم استغلاله قبل 3 آلاف سنة

استخرجت منه كميات من الذهب حوالي سنة 950 قبل الميلاد

نشطت عمليات التعدين فيه بعهد الملك المؤسس

باشرت نقابة التعدين السعودية عملها فيه عام 1935

ابتداء من عام 1939 ولمدة 15 عامًا استخرج منه 900 ألف أونصة ذهب، وأكثر من مليون أونصة فضة

ينتج حاليًا نحو 200 ألف طن من الذهب بالسنة

يتوقع أن يصل الإنتاج فيه عام 2025 إلى 4 ملايين طن بالسنة