الرواية هي تلك الكلمات التي تنقلك من السطر إلى السطر حتى تنهيها وتجد نفسك تنقلت بين المزارع والحقول، والجبال، والهضاب، والتلال، والأراضي المسطحة والأراضي الجدباء، وتلك الخضراء، والغابات، والسهول، والأودية، وشدة الحرارة وقساوة البرد، ما بين تنوع المناخات والتضاريس، والمناطق الجغرافية، وبين عوالم الإنسان المختلفة.

ولقد تنقلت بين أروقة الصمت تحت كنف الرواية لفترات طويلة من حياتي، دخلت مشاعر متباينة ما بين الفرح والسعادة والحزن والغضب بين الوفاء والإيثار، والتضحية والمسؤولية واللامبالاة. مشاعر بعضها يمثلني وأخرى لا يمثلني وبعضها سوف أشعر بها لاحقاً مع تفاعلي مع الواقع الذي ترجمت إحداثياته الرواية.

الكاتب لا يكتب بعبثية إنما أسلوب الرواية العميق هو ما يأخذك إلى تخيل الواقع حتى تعيش المشهد، وكثير من الروايات ضجت بها المسارح ودور السينما لأنها خاطبت العقول والنفوس بالواقع. ومن الرواية إلى المسرح هل هناك مسرحية تُمثل بطريقة ارتجالية، بل إن المسرحيات الخالدة هي تلك التي كُتبت بأنامل كُتّاب لديهم رسالة يريدون أن يوصلونها وبقدر رزانة النص تكون المخرجات العظيمة. وأما الأفلام التي رسمت في ملامحها الحب والتضحية والإيثار والوفاء، وتلك التي كانت تراجيدية في المعنى والمغزى، ومن زاوية أخرى تلك الأفلام التي كانت انعكاسات مرئية لواقعية قصص نجاحات شخصية.


مما لا شك فيه الرواية والمسرح والسينما لم تخرج هكذا إلا من ذلك الكاتب الذي وظف قلمه لكي يجعل الناس يتفاعلون مع النص أو الصورة وكأنها حقيقة ينقلهم من عالمهم الخاص إلى عوالم أخرى بنقشات لا تتجاوزهم كثيراً، وكلما كان هناك رسالة من الكتابة ومعنى يريد إيصاله الكاتب أصبح لقلمه قيمة بعكس أي شيء وضع للتسلية فقط. ولا مناص من القول إن الكتابة هي الاستمرارية في رؤية الواقع في حال أن الكاتب استمر في إصدار كتبه دون مواكبة المستجدات، فهو يكتب لنفسه ومن يكتب إلى نفسه لم يقرأ له أحد ما يكتبه، والمقصود بالمستجدات هو كل شيء يتعلق بالإنسان وحياته التي يعيشها.

مثل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، والبحث عن الكمال في عالم متسارع، وفوائد أندية الخطابة في بيئة العمل. وغيرها من المواضيع التي يمكن أن تطرح على شكل رواية، أو كتاب يناقش الفكرة، أو مقال، ونص مكتوب ليتم إلقاؤه على شكل مادة صوتية مثل البودكاست، أو مرئية على اليوتيوب أو ندوة ومحاضرة. الكتابة كالصلصال تتشكل في قوالب متعددة قوة الكلمة وطيب العبارة وحُسن الغاية هو ما يصنع نجاح النص في أي قالب وضع كان المعنى والقصد وراء الطرح. وإذا ما انتقلنا إلى الكتابة التسويقية نجد أن الكتابة التسويقية فن لا يجيده غير الكتاب التسويقيين الذين يطوعون الكلمات لبناء وصف رائع للمنتجات، أو بناء قصة تسويقية تتحدث عن المنتج، جميع الشركات لها قصة تسويقية تسعى لإبراز منتجاتها بطريقة جذابة لكي تجذب المستهلكين.

ولا بد من الإشارة إلى أن العقل البشري يجد سهولة في استيعاب القصص فضلاً عن المعلومات العلمية المجردة.

لذلك من أراد أن يكتب يجب عليه أن يقرأ كثيرا وأن يعيش تفاصيل الواقع حتى تحاكي كلماته عقول الناس ومشاعرهم.