العين حق ولا شك.. نبينا عليه الصلاة والسلام يقول: "لو أن شيئاً سبق القضاء لسبقته العين.." ويقول في موضع آخر: "العين تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر".. حمانا الله وإياكم.

قبل سنوات دعانا أحد زملائنا في العمل لزيارته في منزله.. حينما دخلنا المنزل وجدنا سيارتين فارهتين في فناء المنزل الواسع.. قال له زميل آخر: "ما شاء الله عندك ها لسيارتين وتداوم على سيارة متهالكة"؟! رد بارتباك واضح: "لا تلوموني.. العين.. أخاف من عيون الناس"!

مشكلة صاحبنا هذا ـ وهناك كثيرون غيره ـ أنهم يحرمون أنفسهم من كثير من النعم التي أنعم الله بها عليهم بسبب خوفهم من العين.. يحفظون روايات وأساطير غريبة عن "العين".. لكنهم يتناسون ـ أو يتجاهلون ـ أن الإنسان المؤمن إيمانا حقيقياً، يدرك أن أذكار الصباح والمساء ستحميه ـ بإذن الله ـ فإن شكّ في ذلك فهو يشك في مصداقية الشارع الحكيم الذي تكفل بحفظ من يحافظ عليها.

أمسكت به جانباً وقلت له: عش حياتك، وتحرر من هذه القيود التي حرمتك من الاستمتاع بنعم الله عليك.. ربك عز وجل يقول "وأما بنعمة ربك فحدّث"، ربك جميل يحب الجمال، ونبيك عليه الصلاة والسلام يقول: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".. حاولت كثيرا لكن القصص التي يسوقها لي دون أن يتحقق من مصداقيتها تسيطر عليه تماما! قلت له في الختام: "إما أنك مريض نفسياً يتوجب عليك الذهاب إلى الطبيب النفسي لعلاجك.. وإما أنك رجل ضعيف الإيمان.. لو كنت مؤمناً حقا، لآمنت بأن الله خيرٌ حافظا، ولآمنت أن الأمة ـ كما في الحديث النبوي ـ لو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.. رفعت الأقلام وجفت الصحف".

بعد كل هذه السنوات ما يزال صاحبنا على ذات السيارة، بينما السيارات في الحوش قد زادت واحدة!