تزداد مشكلاتنا في اليمن يوما وراء يوم بفعل سلوك لا مسؤول من قبل القادة والساسة في إدارة المشهد اليمني، نظرا لأن الجميع -بدون استثناء- لا يتمتع بأجندة الباحث العلمي في عملية صناعة القرار واتخاذه.
قد تبدو كلماتي مجحفة نوعا ما، لكن لو تداركنا الموضوع قليلا، وانتقلنا من الكل إلى الجزء في عملية استنباط خاطفة، ونأخذ عددا من العينات العشوائية من أطياف الشعب اليمني كافة،ومشاكله فسنثبت صحة الفرضية التي نتحدث عنها الآن. فعلى سبيل المثال معالجة غلاء الأسعار يرتبط بهبوط سعر صرف الدولار الأمريكي في عدن، والذي لم يتواءم مع هبوط أسعار السلع والخدمات، وهناك دعوات لا مسئولة للتظاهر...إلخ بأجندات سياسية لا علاقة لها بالمصلحة العليا للبلد، والمتتبع الحصيف يجد أن من يدعون لهكذا مظاهرات هي أطراف تمارس صناعة قرار الفوضوية من خارج البلد، فلو كان القرار مدروسا ومر بدوائر بحث علمي لكان الإعلام الموجه أدار المشهد من ناحية توعوية اقتصادية حصيفة، مفسحا الطريق للريال اليمني ليحقق المزيد من المكاسب والتعافي على الأرض بدلا من دعوات التظاهر والفوضوية.
منطق المعلومة البحثية يقول بأن ظاهرة خفض الأسعار مرتبطة بفتح الاعتمادات المستندية لتوريد البضائع من خارج اليمن، والتي تحتاج الى أربعة أشهر شحن عبر البحار حكد أدنى، وبالتالي سيعاد جدولة التسعيرة الجديدة خلال أربعة أشهر من تاريخ بداية تراجع أسعار صرف العملات الأحنبية مقابل الريال اليمني.
أي أن استعادة الأمن والاستقرار لا تمر من بوابة القرارات الارتجالية التي تثير غضب الشارع، وتقوده إلى المجهول، فنحن بحاجة ماسة إلى فلسفة الأرقام، ونشر الوعي بضرورة المرور بدوائر بحث علمية، بحيث لا تتدفق في الصحافة أو وسائل التواصل الاجتماعي ثم إلى المواطن إلا أجندات مدروسة بناء ضوء أخضر من مستشارين باحثين علميين، وكذلك لا يتم مباركة هكذا قرار ات ارتجالية ومتخذة من قبل الأحزاب أو الكيانات السياسية أو الأمنية والعسكرية الراهنة إلا بعد فحصها من دوائر بحثية وعلمية مهتمة بالشأن اليمني.
نحن اليوم ندفع ثمنا باهظا للفوضوية والقرارات الإرتجالية، ومع الأسف الشديد لا يوجد قرار من قمة رأس السلطة، أو من الشارع اليمني له أرضية بحثية ودراسات مسبقة حددت الأهداف بكفأة وفعالية.