عندما تفتخر الشعوب بأمجادها وتعتبرها حصانتها التي تواجه بها موجة تطور المستقبل، وتمتطي بها صهوة الجواد لتركض نحو السماء، وتعلق بالأمل ثورة الطموح، وتدير بضياء الشمس وجه التاريخ المشرق فإنها تصوغه بلغتها التي هي مصدر اعتزازها وفخرها حضارتها.

وبلا شك اللغة العربية لغة حسن عبادة لمن بلغ في تعلمها مراتب الإجادة؛ ففي تعلمها بناء للشخصية دينيًا ولغويًّا وفكريًّا وثقافيّا.

وهي بكل إعزاز لغة الإعجاز، قليلها إيجاز، وكثيرها ترادف باجتياز، وهي تمثل هذا العام في يومها العالمي من عام 2021 لغة التواصل الحضاري، والطابع الأصيل بين الشعوب، وذلك بالارتقاء بالحوار والفكر والثقافة تأثرًا، وتأثيرًا بالمحافظة على هويتها عبر التاريخ بأنها لغة الصمود التي ستبقى إلى يوم القيامة محافظة على سلامة مبانيها ومعانيها.


وهي كذلك لغة التطور الحضاري والتواصل بين الأديان والشعوب، وإرساء أسس السلام حيث تم الاتصال بينهم والتمازج مع لغاتهم، وتأثر بقية لغات العالم باللغة العربية، وانتقال بعض ألفاظها إلى لغات أخرى حتى بلغت من التطور الحضاري أوجها؛ بالالتزام بها على المستوى العلمي والعالمي والرقمي.

لن يجد المتحدث والأديب لغة تحتضن ثراء لغوي ولفظي ومعنوي كما يجده في اللغة العربية، فهي التي تكسب المتحدث وقارًا، وتلبس لفظ الكاتب جمالًا، وتمطر لغة الشاعر بلاغةً وزهاءً. فهي بذلك تعتبر أكبر وسيلة للدعم الحضاري والثقافي والتقني والإبداعي لا تضعفها السموم الدخيلة، ولا تذهب هيبتها تسابق العالم بركب الحضارة، فلم يعجزها لفظ دخيل، ولم يوهنها أبناؤها بتركها والرحيل، بل سادت العالم، ومازالت لغة الدين الجليل.

اللغة العربية حاملة لواء الإسلام، وعن طريقها أبصر المسلمون نور الإسلام، وبتعلمها قرأوا حروف كتاب الله وآياته، وأدركوا أحكامه وتشريعاته، وعملوا بها عقيدة وعبادة، لذا من الواجب الإحسان إلى النفس بتعلمها غاية التعلم، ليبقَ المسلم آمنًا في دينه، ووقورًا باعتزازه بلغته، وسيّدًا باحترام ثقافته، ومحافظًا على أصالة عروبته.

اللغة العربية لغة القيم فمن تعلم بها فضائل الدين الغرّاء، أرست بقلبه جذورًا متينة لا تضعفها رياح الأهواء.. اللغة العربية لغة العلم المتين، فالذي يشرب من ماءها لا يظمأ ولا يكلأ.. اللغة العربية لغة القلم الذي باستخدامه تتنوع الخطوط ويزيد ثراؤها، بالدقة في رسمها، وإبراز جمالها.. اللغة العربية لغة الحلم والحضارة، فمن يباهي بها اكتسى بهاءً ونضارة..