ما الذي يبيعه حسن معوض على شاشة العربية؟ أسئلته طويلة، استنتاجاته مستهلكة، ضيوفه هامشيون.. إعلانات برنامجه أكثر جاذبية من مضمونها. مدرسة بي بي سي المملة في الحوار، أدب مهدور وحقل لفظي من المقاطعات الكلامية ومراوغة النوايا، هي بهلوانية الوعي، وفوق ذلك ملامح محايدة وخبرة في غير محلها.. أما مزاياه الصوتية فلا تصلح سوى للإذاعة، والذي جلبه من التاريخ واضح أنه متورط بأشياء ليس من بينها زيادة مساحة المتابعة الجماهيرية للقناة. نجومية شيخ تورط بشاشة شابة وشقية، واثبة إلى مشاهد ينتظرها بلهفة، توسط أستوديو كئيبا بأول ألوان البشرية, الأبيض والأسود، وكأننا في زمن ماض، لكن "العربية" مختلفة ألوانها زاهية تعيش معارك مختلفة على جبهات عدة سياسية واجتماعية وثقافية، وقبل ذلك وبعده إعلامية، لكن حسن معوض وبرنامجه كعب أخيل وثغرة دفرسوار تلفزيونية واضحة وضوح كبد السماء, أتحدى كل برامج الاستقصاء الجماهيرية في ذلك.. حتما الرجل يملك خبرة؛ لكن هذا العامل لا يمكن التعويل عليه، لأنه وببساطة لا يظهر من خلال الضيوف الذين يمكن لأي مراسل تلفزيوني مبتدئ أن يجلبهم، لكن للإعلام حساباته الغامضة ومعادلاته المجهولة.
رحل الرجل وعاد، لم يتغير شيء، في حين أن أغلب حوارات "العربية" ممتعة ومميزة وتحوي إضافات، وهذا ما يثير ويبعث الأسئلة والاستفهامات من مكمنها، هل أتجنى على الرجل؟ ربما، لكن بعيدا عن الاستقصاد والترصد, وهنا أتوجه لك يا قارئ هذه الحروف, هل استمتعت يوما ما بحوار لهذا الرجل؟ ما الذي أضافه لك؟ لو اختفى من الشاشة هل ستأسى على رحيله؟
نعم، أحب "العربية" وأظنها مشروعا مميزا دمر تحريضية "الجزيرة" وأفقدها أغلب أسلحتها, نعم يصلح حسن معوض لمزاج "الجزيرة" المأزوم وطرحها المدبب ووجوه مذيعيها بحواجبهم المعقودة، إذًا أي مكوك فضائي جلبه من مجرة التذكارات الإعلامية ووسطه هذه المنصة المهمة وتركنا ضحية بضاعته اللفظية التي يبسط بها في "نقطة نظام"، وسؤاله الممل: "أليس كذلك"؟