لكن رغم كل ذلك لم أظفر بحق التميز، باستثناء مرة أو مرتين، وفي كلتيهما كان المخاض عسيرا، فلا تعطى تلك الحقوق إلا عنوة.. وإلى هنا لا جديد، فقد اعتدنا ذلك، ومثلي في هذا الدرب كُثر.. وهنا يهون الأمر، عندما يترك المتميز دون اهتمام وتقدير أو حتى إعطاء للحقوق، فليس في الأمر جديد؛ فهو الغالب السائد.
لقد بات ذلك طبيعيا اعتدنا عليه، لكن الأمر هنا يختلف، عندما يكون هناك قهر وبخس وسلب للحقوق، عندما يكون هناك إجماع على أن التميز لزيد وعبيد، هو من يفوز ويظفر، ولا يكون ذلك خلف الكواليس، بل في أعلى المنصة، التتويج أمام أصحاب القرار؟!.
فهنا يبلغ القهر منتهاه والاستخفاف أقصى مداه.. وعندما يصل الأمر في ذلك إلى حد المجاهرة، فهنا ينتهي الكلام في حضرة القهر والألم؟!..
نعم حين يمنح المقصر وسام التميز، ويتجاهل المتميز، فهنا يكون في الموازين خلل عظيم، بشاعته تفوح وتداعياته تقتل كل طموح.
إن العقل والمنطق يقولان إن المتميزين يفترض أن يُشار إليهم بالبنان، وأنهم يقدمون ويميزون، وتأتي إليهم حقوق التميز ومستحقاته دون طلب، فلماذا الأمر لدينا مختلف؟!.
يقول -غفر الله له- وعبرته تخنقه.. الحقيقة تقول والواقع يصرخ أنه إذا لم تكن قريبا من «عين الميفا»، فمهما بلغ تميزك ستبقى جيفا، ولن تنفعك كل شهادات العالم!!.
صحيح أن الأمر بات مألوفا، ولكنه يوم بعد يوم يكون أشد وطأة وقسوة..
إن الظلم والاستخفاف هنا عينٌ بين، عندما يفوز المقصر ويقف صاحب القرار عاجزا متفرجا بل ومباركا، فالأمر هنا البتة غير مقبول ولا معقول.
للأسف الشديد كثيرون من يتجرعون كؤوس المرارة والألم والقهر في ذلك الشأن، ونحن ما زلنا نغلق أفواهنا ونصم آذاننا أمام ذلك، وفي كل مرة نقول نقطة ومن أول السطر.
دوما نعلل ونبرر لأنفسنا أمام العجز والتقصير، بأن السوء كل السوء في التطبيق، وأن الخلل في التنفيذ، لكن الحقيقة أن القصور من أنفسنا والشيطان، فالأنظمة حاضرة والعقول ليست بقاصرة، وفي كل الأحوال ديننا لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فلماذا نعاني كثيرا فيما لا يفترض أن نعاني منه؟!.
لماذا يقصر العدل في مواضع كثيرة وتنقصنا المصداقية والواقعية في كثير من شؤون حياتنا؟!.
لا تقنعوني أن ذلك خارج نطاق الإرادة للإدارة المسؤولة، فأنا لم أقتنع أصلا، فالقوانين موجودة.. وإلى أن يبلغ الأمل مرتجانا، ويصل في واقعنا إلى مبتغانا.. حتى ذلك الحين ارفعوا أكف الضراعة وادعوا الله بأن يصلح الحال.