هناك استنكاف كبير عن النصيحة وقبولها، كما أنها تشعر البعض بالتراكمات النفسية، مثل الشعور بالإهانة أو الانزعاج الداخلي حتى ولو أظهر لك من ينصح الاحترام والقبول.
الباب الذي يُقفل في النصح قد يشكل خطرا كبيرا على تطور المستوى الإدراكي والثقافي للفرد في سبيل المعالجة وإكمال النقص، لذلك مع كل باب يُقفل قد نغلق على أنفسنا أبوابا من تحسين وجهات نظر وزوايا تختلف عما نراه.
من الأسباب التي قد تجعل الإنسان يرفض النصيحة، الكبر وهي خصلة ذميمة تعد من مدمرات النفس، أو قد يفهم أن الناصح يريد إظهار أفضليته والتقليل من أفضلية المنصوح، إضافة إلى أن أغلب النصائح تكون مقيّدة للأهواء والرغبات بشكل أو بآخر، لذلك قد ينزعج منها الشخص لأنه لا يريد تغيير ما يفعله، رغم أن النصيحة باب من سد الثغور في النفس البشرية، وواحدة من الطرق لتبادل الخبرات والتجارب الحياتية التي قد تُقدم على طبق من ذهب، رغم أنك لم تخضها، وإنما تم تحذيرك مسبقا برسائل مباشرة أو غير مباشرة، وهذا ما قد يزيد الترابط المجتمعي.
كما أن الإنسان لا بد له من أن يوجد لنفسه مرآة أخرى تعكس صورته، وتقيم كل ما يحتاج إلى تحسينه، وتوضيح الخلل في الأقوال والأفعال، لأنه قد يظن أنه كامل، لا يجب عليه تغيير أو تحسين سلوكه، فتلك المرآة قد تقيّم ما تراه فيك بحيادية، تُريك الصورة بشكلها الصحيح وتلفت نظرك للنقص.
قبح النصيحة لفظا وتوقيتا، قد يكون أحد الأسباب التي قد تجعل الإنسان يرفض قبول النصيحة، قد يكون الناصح حادا سليط اللسان، لا ينتقي الألفاظ المناسبة للنصح، ما يجعل الشخص المنصوح ينفر، ولا يرغب باستقبال أي نوع من أنواع النصح، أو يستحضر تجربة سببت له الكثير من الإحباطات والإهانات الشخصية.
النصيحة دليل على الاهتمام والتقدير، تنطلق من تجارب خاضها الناصح، وتألم حتى تعلم، وقدمها للآخر دون مقابل، ولكن من المهم وأنت تنصح، اختيار ما يتناسب مع عقلية من يقف أمامك، وانتقاء أسلوب وعبارات تناسب شخصيته، فلا يجب علينا تقدير البشر بالتقدير العاطفي نفسه، فلكل شخص شيفرته الخاصة التي نستطيع من خلالها اختراق فكره وتقديم النصيحة له بطريقة لبقة ولطيفة على الأقل بالنسبة له.