أين قياس مستوى رضا العملاء على الخدمات المقدمة، وقبل ذلك أين مركز التخطيط الإستراتيجي الذي يوفر الدراسات المتخصصة لصانع القرار بما يتناسب مع أولويات المرحلة الراهنة؟. لم تعد الشعارات البراقة تغري رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستمرار في سوق العمل، فحزمة المخالفات والغرامات التي طالتهم من بعض الجهات التي رفعت شعار (خذوه فغلوه) جعلت البعض يبحث عن الخروج.
لماذا لا توجد لائحة تنفيذية لهذه المخالفات تتناسب مع الظروف الحالية، حتى لا يُترك تقديرها لاجتهاد المفتش؟! فالمخالفة الواحدة يختلف تقديرها من مفتش لآخر بحسب مزاجه الشخصي!، لماذا لا تستمع وزارة التجارة لمقترحات التجار أنفسهم قبل أن تسارع في شطب السجل! طلباتهم بسيطة جداً، وتتمثل في إعادة النظر في قيمة المخالفات، وتخفيض الرسوم قبل توحيد إجراء شطب السجل والرقم المميز، وإمهال التاجر مدة ثلاثة أشهر لنقل كفالة العمال أو ترحيلهم.
وهذه المشكلة تجعلنا نتساءل.. أين الغرف التجارية في المملكة من هذه المشكلة؟، ولماذا لم نسمع لها صوتاً؟.
ذات مساء تلقيت رسالة من أحد رواد الأعمال يقول فيه: «أعاني معاناة لا يعلم بها إلا الله، فقد أصبحت أنام وأصحى وعيني على الجوال من كثرة القلق، ولم أعد أعلم من أين تأتي لي النكبة» -على حد تعبيره-، وقال: «تشعر من زيارة المراقب للمحل بأنه يتقصد البحث عن المخالفة! وأخر مرة تلقيت مخالفة فلكية بمبلغ عشرة آلاف ريال»، ثم سألني سؤالا.. «كم عشرة آلاف ريال أدخّل، إذا كان المحل عبارة عن كافتيريا صغيرة؟!».
كنت أتمنى من وزارة التجارة قبل ما تطور إجراءات شطب السجل، أن تعيد النظر مع شركائها السبعة في واقع الحال، وتسأل.. لماذا يضطر التجار إلى الخروج من السوق، لكم من شاب سوف يتضرر من شطب السجل، وبدل أن كان مصدر توظيف سيتحول إلى عاطل!.
فالتجار المتضررون من المخالفات فضلوا الخروج، ولسان حال بعضهم يقول: (مكره أخاك لا بطل). ختاما: إن أهم درس يمكن تعلمه من هذه الأزمة هو أن الاعتماد على المخالفات والرسوم كموارد يأتي بنتائج عكسية ومدمرة، وعلى الوزارات البحث عن استثمار مواردها في اقتصاد حقيقي، وإنشاء إداراة تعني بهذا الشأن، والاستفادة من تجربة صندوق الاستثمارات العامة.