وبعد عامين على إنهاء الملياردير الأمريكي جيفري إبستين المتهم بجرائم جنسية، حياته في السجن، انطلقت الإثنين في نيويورك محاكمة معاونته السابقة غيلاين ماكسويل، التي وصفت بأنها "امرأة خطرة" واتهمت بتأمين فتيات قاصرات لتقديم خدمات جنسية للخبير المالي جيفري إبستين الذي وُصِف بـ"المفترس".
وتواجه ابنة قطب وسائل الإعلام البريطانية الراحل روبرت ماكسويل البالغة 59 عاما احتمال السجن مدى الحياة في حال إدانتها في ختام المحاكمة المتوقع استمرارها ستة أسابيع.
وستتولى هيئة محلفين من 12 شخصا تحديد ما إذا شاركت ماكسويل فعلا في تشكيل شبكة من الفتيات القاصرات لحساب رجل الأعمال الذي انتحر في سجنه عام 2019.
وبدت ماكسويل التي تتحدر من عائلة ثرية وكانت وجها اجتماعيا بارزا، متوترة في قاعة محكمة مانهاتن الفدرالية، فكانت تخلع نظارتها ثم تضعها مرة أخرى، وغالبا ما كانت تلمس وجهها ومررت ملاحظات مكتوبة كثيرة إلى وكلاء الدفاع عنها.
وتشكو ماكسويل التي تحمل الجنسيات الفرنسية والأمريكية والبريطانية من ظروف حبسها، وستدفع ماكسويل ببراءتها من التهم الست الموجهة إليها، ومن غير المتوقع أن تتولى ماكسويل الكلام.
ويُشتبه عملياً في أن ماكسويل شكلت بين عامي 1994 و2004 شبكة من الفتيات القاصرات كان يستغلهن جنسيا إبستين الذي ارتبطت معه ماكسويل بعلاقة حب وصداقة وعمل على مدى 30 عاما.
واعتبرت المدعية العامة لارا بوميرانتز في افتتاح الجلسة أن ماكسويل "كانت خطرة، وكانت تتولى تهيئة الفتيات الصغيرات لكي يعتدي عليهن مفترس"، إذ كانت تعمل على جعلهن يشعرن بالثقة والارتياح وتتظاهر بإعطائهن الأهمية.
لكن إحدى وكيلات غيلاين ماكسويل المحامية بوبي ستيرنهايم اعتبرت في المقابل أنها باتت "هدفاً لغضب النساء اللواتي تعرضن أو يعتقدن أنهن تعرضن للاستغلال من قبل إبستين"، الغائب الأكبر عن المحاكمة.
متوترة
ودعا وكلاء الدفاع عن ماكسويل إلى عدم جعل ماكسويل "كبش محرقة" تعويضاً عن غياب المعنيّ الرئيسي جيفري إبستين الذي حرم انتحاره ضحاياه من المحاكمة.
وكان حكم بإدانة الملياردير الراحل صدر في فلوريدا عام 2008 لدفعه مبالغ مالية لشابات في مقابل خدمات تدليك، لكنه لم يمكث في السجن سوى 13 شهراً إذ عقد اتفاقاً سرياً مع المدعي العام حينذاك.
وشددت المحامية بوبي ستيرنهايم على كون الجرائم المزعومة تعود إلى أكثر من 20 عاماً، مشيرة إلى أن لدى المدعيات ذكريات غير واضحة، حتى أنها تعرضت "للتزوير" من وسائل الإعلام ومن المدعيات أملاً منهن في تقاضي تعويضات مالية كبيرة.
ويستند اتهام ماكسويل على ما أدلت به أربع مدعيات أُبقيَت أسماؤهن طي الكتمان، بينهن اثنتان كانتا في الرابعة عشرة والخامسة عشرة، أفدن بأن نساء بينهن ماكسويل كن يستدرجنهنّ بالقرب من مدارسهن أو في مقار عملهن، وبعد أن يكسبن ثقتهن بدعوتهن مثلا إلى السينما أو بأخذهن للتسوق، كن يقنعهن في مقابل بضع مئات من الدولارات بتقديم تدليك يصفنه بأنه غير جنسي لرجل نيويوركي نافذ مستعد لمساعدتهن على الانطلاق مهنيا.
وأوضحت المدعية العام أن ماكسويل كانت "تكسب ثقتهن" لكنها "كانت تعلم بالضبط ما الذي سيفعله إبستين بهؤلاء الطفلات عندما كانت ترسلهن إلى غرف التدليك الخاصة به"، واصفة ما مررن به بأنه "كابوس".
وبحسب المدّعين العامين الفدراليين الأمريكيين، يُعتقد أن المتهمة شاركت أيضا في الاعتداءات الجنسية مع إبستين، سواء في دارتها في لندن، أو في مقار إقامته الفخمة في مانهاتن وفلوريدا ونيو مكسيكو.
الأمير أندرو وكلينتون وترامب
وخلال الجلسة، قالت المحامية ليسا بلوم، وهي وكيلة عدد من ضحايا إبستين، وبينهن واحدة من ضحايا ماكسويل نفسها "بالنسبة إلى موكلاتي، لما كان جيفري إبستين موجودا لولا جيلاين ماكسويل. كان الأمر أشبه بتاجر مخدرات يأتي بمخدراته إلى إبستين، ومخدراته كانت عبارة عن فتيات صغيرات السن".
أما لورنس فيسوسكي الذي عمل طيارا لإبستين من 1991 إلى 2019، فكان الشاهد الأول الذي استدعته النيابة العامة، ووصف خلال الجلسة علاقة الملياردير بماكسويل بأنها علاقة بين زوجين يتمتعان بحياة فاخرة.
وسيخيّم على محاكمة ماكسويل ظلّ الأمير أندرو القريب من إبستين، إذ يواجه منذ أغسطس الفائت دعوى مدنية في نيويورك بتهمة "اعتداءات جنسية"، رفعتها ضده الأمريكية فيرجينيا جوفري.
ومن المتوقع أن تنظر محكمة مدنية في نيويورك في هذه الدعوى في نهاية 2022، مع أن الابن الثاني للمملكة إليزابيث الثانية ليس موضع ملاحقة جزائية وهو ينفي الوقائع التي يُعتقد أنها حصلت بين عامي 2000 و2002، عندما كانت جوفري قاصرة.
وقد ترد أسماء شخصيات أخرى خلال هذه المحاكمة بينها الرئيسان الأمريكيان السابقان بيل كلينتون ودونالد ترامب نظرا إلى حضورهما حفلات نيويوركية، ووكيل عارضات الأزياء الفرنسي السابق جان لوك برونيل القريب من جيفري إبستين. وكانت السلطات الفرنسية ادعت على برونيل وأوقفته في ديسمبر 2020 بتهم اغتصاب واعتداءات جنسية.