بعيدا عن القناعة بقدراتها الفنية وجودة صوتها، إلا أن غصنا ذبل قبل أيام في شجرة الزمن الفني الجميل برحيل المطربة "وردة الجزائرية" التي عاصرت عمالقة الطرب العربي الأصيل بكلماته ولحنه وغنائه.

"وردة" التي قدمت من الجزائر إلى مصر صارعت للبقاء وإثبات الوجود في بلد مليء بالفنانين الكبار، مثلها في ذلك مثل كثير من المطربين الذين أثبتوا وجودهم في ساحة الغناء بمصر كفريد الأطرش وأسمهان وفايزة أحمد ونجاة القادمين من سورية وغيرهم... ولعلّ أهم أسباب توجه المطربين سابقا إلى مصر هو قوة إعلامها الذي يختصر طريق الشهرة على المستوى العربي لأي فنان متمكن.

لكن الطريق في مصر لم تكن سهلة يوما ما لأي فنان قادم من الخارج، فـ"وردة" التي كم هاجمها أنيس منصور في مقالاته قائلا "المطربة دي بتزعق وما بتغنيش"، أُبعدت عن مصر مطلع الستينات من القرن العشرين، لأسباب تتعلق بكبار رجال الدولة، ومُنعت من دخولها لغاية بداية السبعينات مع استلام السادات للحكم.. وفريد الأطرش تعرض لحرب شرسة من بعض نجوم مصر، ورويت قصص على لسانه تشير إلى أن بعض مواقف عبدالحليم حافظ السلبية ضده كانت برعاية محمد عبدالوهاب، وكذلك لم تكن أم كلثوم نقيةً كما أظهروها في مسلسلها وقيل الكثير عن محاربتها لأسمهان.

ولولا قوة صوت أسمهان، ومقدرة فريد الفنية العالية موسيقيا وصوتيا لما وجدا مكانا لهما في زمن العمالقة.

http://www.youtube.com/watch?v=sdtNhQDmnYU

برغم طول إقامتها في مصر.. إلا أن "وردة" ظلت غريبة ويبدو أنها أدركت عدم الاعتراف بها مواطنة هناك، لذلك أوصت بنقل جثمانها إلى الجزائر لتدفن في وطنها الأم في مقبرة العالية إلى جانب شخصيات سياسية بارزة.

ربما أصابت "وردة" حين أوصت بأن تدفن في بلدها، لأنّ فريد أخطأ إذ لم يوصِ بذلك، ففي مصر هناك متحف لكل من أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، أما فريد فلا أحد يعرف شيئا عن تراثه من أعواد ونوتات موسيقية ولوحات وأرشيف شخصي.. وقد يضم المتحف الذي تقرر إنشاؤه منذ سنوات باسم أسمهان وفريد في السويداء بوطنهما الأم سورية شيئا من تاريخهما الفني الذي ضاع في مصر حيث أمضيا عمرهما الفني.