استدعى الوضع ذهابي للطوارئ والبقاء على مقاعد الانتظار طويلا حتى جُعلت بسبب تلك الأعراض أسيرة بين قضبان قسم التنويم دون دواء ومن دون نوم، فأحلامي صارت كوابيس بسبب كثرة رؤية لابسي البياض، حتى خرجت من ذلك السجن الصدئ من دون تشخيص أو معرفة، ولو بجزء قليل عن سبب ما أشعر به وتركي في عداد قائمة المتابعين مع العيادة، أي دون فائدة.
هنا ابتدأت رحلتي بين مواعيد الانتظار وصفوف المرضى الطويلة للكشف عن المرض، وانطلق من قسم الأعصاب رنين كالقبر لمدة ساعتين ومن ثم الإجبار على أخذ خزعة مني، حتى قال لي ذلك الطبيب لا يوجد بكِ شيء وأخرجني من عنده.
تنوعت المحطات التي مررت بها بين الأعصاب والروماتيزم والكبد والعظام دون توقف ومن طبيب لآخر، وكل واحد منهم يقول هي سليمة من ناحيتي.
بدأت في البحث بنفسي عن أسماء الاستشاريين لدينا للكشف عن معضلتي، وكانت تلك الزيارات بين الحكومي والخاص. حتی أوصلتني وجهة نظر أحدهم إلى العيادة النفسية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الأمراض من وهم عقولنا أو سببها هو العامل النفسي، لم أمانع في خوض تلك التجربة، فأنا أبحث عن العلاج بأي شكل كان.
وعند زيارتي للطبيب النفسي أدرك فورا أنني لا أعاني من أي مشكلة فأخرجني سريعا، فأصاب هؤلاء الدهشة، فماذا يوجد بعد أمامهم لرمي سبب تلك الآلام على عاتقه؟.
وبسبب حيرتهم الشديدة وصف لي أحد الأطباء المختصين تجربة العلاج الروحاني والذهاب للمشايخ المقرئين، ربما لإسكاتي أو فقط لجعلي أخوض تجربة جديدة وصرف مسكنات استخدمها للضرورة القصوى.
دفعتني تلك الآلام للبحث في متصفح جوجل لعلي أكشف عما بي بنفسي، حتى أصبحت خبيرة بالأعراض.
كان الوضع يستلزم الكثير والكثير من الصبر والتحلي بالقوة والتأقلم مع تلك الأعراض، فهنا كانت مأساتي فما كان مني سوى التعايش معها والعيش على تلك المسكنات التي أصبحت مدمنة لتلك الراحة من دون وهن بفضل الله أولا ثم بفضلها.
يوما عن يوم بدأت تتغير تلك الأعراض وتختلف مع ظهور الجديد منها حتى أن الأدوية لم تعد تشكل فارقا كبيرا عند تناولها.
رغم تقدم الطب لدينا وفي العالم أجمع إلا أنهم عجزوا عن معرفة بي، والآن ونحن في نهاية 2021، ما زلت أصارع دون تشخيص أو حتى توقع واشتباه.
من يعرفني شبَّه حالتي تلك بأعراض كبار السن، فباتوا يطلقون على لقب العجوز وأنا لا زلت صغيرة في سن الزهور.
لا أعلم متى سيحين الفرج لانتهاء تلك الرحلة التي صعدت على متن طائرتها وعانيت منها طوال تلك السنوات وأنا معلقة في السماء، فمن هو ذلك الطبيب الذي ستحل معجزة الله بيديه ليساعدني على الهبوط؟.