متنوعة الأشكال
يقول حنيف آل شيبان «البيوت الطينية القديمة كانت متنوعة الأشكال مثل «المربع» و«المشولق» و«المقدم»، وكانت متعددة الطوابق، تتسع لأكثر من عائلة وأسرة، وكان المنزل الطيني يأوي الجميع كما يأوي مواشيهم، كما كان أيضًا مستودعًا لتخزين الأعلاف والحبوب، وجميع أدوات الفلاحة، وكانت بيوت الطين الشعبية مصممة لتتناسب مع متطلبات الحياة، فتجد فيها كل ما يجمع الجد والأب والابن والحفيد، حيث غالبًا ما كانت تقطنها أربعة أجيال».
ويضيف «كانت تلك البيوت تبنى بناء على الاحتياج، وغالبًا ما كانت تتشكل من سبعة طوابق وأحيانًا تسعة، ويصل ارتفاع الطابق الواحد ما بين 3 إلى 4 أمتار، وتميزت على الدوام بأنها نواة مجتمع ناجح».
ويكمل «الجد والأب والابن والحفيد كلهم يستلقون للنوم في غرفة واحدة، والجدة والأم والبنت والحفيدة في غرفة مجاورة أو أخرى، وكان المطبخ مشتركًا، ودورة المياه للنساء مشتركة، وللبيت الطيني القديم باب واحد لجميع الأدوار، وكان يغلق مبكرًا، فلا أحد يخرج ليلًا، وكانت المرأة تلعب دورًا كبيرًا في إعداد المنزل وما يضفي عليه من مقومات الراحة للأسرة، رغم صغر مساحتها وضيق غرفها، ويعود ذلك إلى ما يمكن أن نسميه اتساع القلوب وخلوها من الحقد والحسد والكراهية، حيث كانت تغمرها المحبة ويملأها العطف وتحيط بها الألفة والمودة، ما جعل العيش فيها هانئًا رغدًا رغم قلة موارد المعيشة، وذلك على عكس ما نراه اليوم، حيث كبرت البيوت واتسعت ولكن ضاقت القلوب وتباعدت الأرواح، فلم تعد الأسر تجتمع إلا في المناسبات فقط، كما لم تعد مكانا لتجمع الأهل بل استبدلت بالاستراحات».
البساطة والجمال
يضيف مانع المحامص «الحياة مراحل، ويظل للماضي وقعه الجميل، وقديمًا كان البيت الطيني الواحد متعدد الأدوار يجمع أكثر من 6 أسر من أفراد القبيلة، الضيف واحد والاحترام موجود ومتبادل، والكلمة واحدة والرأي واحد رغم ضيق المساحة في المجالس والغرف، فإنها تسع أكبر عدد من الضيوف وأفراد القبيلة دون تذمر بل الجميع سعداء، والآن أصبح البيت الواحد رغم تعدد الغرف والمساحات الكبيرة فإنه لا يسع إلا أسرة واحدة فقط، كل فرد من أبنائها في غرفة مستقلة، فلا يجتمعون إلى على الوجبات وأحيانًا المناسبات».
المحبة والمودة
يذكر عبدالله آل عباس «كان الناس عددهم قليل جدًا إلى درجة أن العائلة الواحدة المكونة من الرجل الكبير أبوهم أو جدهم أو أخوهم تسكن في منزل واحد مبني من الطين ومن عدة أدوار أحيانًا 6 أو 7 أدوار وقد يتجاوز ذلك، وقد عرفتُ بعض تلك الأسر منهم بعضها مكون من رَجُل وأخوته 3 أشخاص وأبناء أخيه 2 وأبنائه 2 وأبناء أخيه 2 فكان الرجل منهم يسكن معه أخوته 2 أو 3 تقريبًا وأولادهم وأبناؤه 2 أو 3 تقريبًا وأحفاده كذلك بحيث يكون لكل شخص وأسرته غرفة واحدة فقط، وعند بابها في الدرج مكان لإشعال النار فيه ويسمّى ذلك المكان المعروف بـ«المشبّ» المطبخ حاليًا وقوده من الحطب لعدم وجود الغاز آنذاك، ويجمعهم كلهم غرفة واحدة تستخدم لتخزين حاجاتهم للجميع تسمّى «المرفوع» المستودع حاليًا.
وكانوا يتقاسمون قطعة اللحم مهما كان حجمها وتسمّى «الشِّرْكَة» بحيث يطبخها أحدهم مثلًا ويبلغهم بذلك ثم يهدي للباقين منها أو تقسّم قبل الطبخ على عدد الأُسَر وكل أسرة تطبخها بنفسها، وقد تقسّمها تلك العائلة عدة أقسام بحيث تكون لهم عدة وجبات فإن لم يتمّ ذلك فإنهم يرونه عيبًا وعارًا وأنانيّةً ممقوتة وقطيعة رحم أن يكون عند أحدهم وجبة دسمة ولا يهدي لهم منها شيئًا، وكان ذلك المكان يتّسع لهم وتسوده المحبة والمودة والاحترام وكانوا يتسامرون في سطح ذلك المنزل، وقد أنتجت هذه العوائل الصغيرة رجالًا ونساءً صار لهم شأن عظيم في مجتمعهم ذلك بينهم التآخي والمودة بعيدًا عن القطيعة وامتدّت فروعهم إلى العصر الحالي ذاك كان هو سكنهم سابقًا بعكس العصر الحديث الذي يتطلب أن يكون لكل عائلة حتى لو كانت مكونةً من الزوج والزوجة فقط تكون لهم شقة مكونة من عدة غرف بمنافعها ومطبخ وصالة، وقد يجتمع الرجل وأبناؤه أو أخوانه أو بعض أقاربه في منزل من عدة أدوار وعدة شقق لكل منهم شقة مستقلّة وقد لا يرى بعضهم بعضًا عدة أيام والنفوس ضيقة».
ويضيف «كان للعائلة الواحدة غرفة واحدة في السكن، تعد غرفة معيشة وغرفة جلوس وغرفة نوم، حتى أن الرجل كان يختلي بزوجته فيها حين ينام الصغار، أو حين يخرجون خلال النهار.. كانت الحياة متعبة وقاسية، لكنهم كانوا مرتاحين إليها لعدم وجود خيار آخر».
البيوت الطينية القديمة
أبنية لها عدة طوابق تصل من 6 إلى 9 طوابق
تقسم أدوار بين عدة أسر.
تقطن كل أسرة في دور.
المنزل يضم الأسرة ومواشيها
المنزل يضم كذلك مستودعًا لتخزين الأعلاف والحبوب
المنزل يضم كذلك جميع أدوات الفلاحة