حزم ملابسه المتسخة في حقيبته.. بعد أن خرج من قاعة المحاضرات مرهقا.. فاليوم الخميس نهاية الأسبوع.. وعليه أن يستعجل النزول إلى مركز المدينة ليلحق باص القرية الخشبي، قبل أن يغادر الكراج عائدًا إلى القرية بُعيد الظهر.. وإلا فاته النزول إلى أهله.

صعد باص المصلحة الذي كان مزدحما بالركاب.. خلا له أحد المقاعد بنزول أحدهم في محطة وقوف الباص التالية ليجلس عليه.. كانت عيناه تنظر ان حال الركاب.. فذلك رجل كبير السن اتكأ على كتف شاب جالس بجنبه.. وتلك امرأة تحضن طفلها الذي أزعجها بكثرة بكائه.. وذلك طالب يتأبط كتبه.. ويمسك بيده الأخرى حافة المقعد بجنبه.. وذلك الجابي يقطع التذاكر، وبالكاد يستطيع الحركة بين الركاب.

اكتظ الزحام داخل باص المصلحة مع اقترابه من مركز المدينة.. امرأة ساقها التدافع إلى قربه.. لا مجال لمساعدتها لتجلس.. فالمقاعد مشغولة.. تناول حقيبة كانت تحملها بيدها.. كي يمنحها فرصة الإمساك بحافة المقعد بجانبها.. وتمسك طفلها المتشبث بجلبابها بيدها الأخرى.. نهض من مقعده وأجلسها مكانه احترامًا لأنوثتها.. وما أن وصل باص المصلحة محطته بمركز المدينة حتى تهيأ للنزول على عجل.. ناولها حقيبتها دون منٍ منه.. فالمرأة بشارب الغانم في عرف مجتمعه.


غذ السير مسرعا نحو زقاق مرآب باصات قرى الديرة ليجد باص القرية قد تهيأ للمغادرة.. سارع بأخذ مكانه في مؤخرة الباص الذي غص بالركاب.. وهو يمني نفسه بالوصول السريع كي يتجول في ربوع القرية.. ويتعلل الليلة مع الربع.