1- الحقيقة التي لا لبس فيها أن كل دعاة الانقلابات ومن يقوم بها، ومن يأتي على أسنة الحراب ليدخلوا انتخابات «نزيهة وبريئة كبراءة الذئب من دم يوسف».

وهذا هو الحال في كل وطن متخلف وفقير بفعل فاعل طبعا، وإلا فإن كل البلاد فيها خيرها، ولكن تسرقه جماعات الانقلابات والإفساد فتأكل الأخضر، والحقيقة عشان يعديهم العيب يخلو اليابس للذين أصبحوا سعاة في ركاب البطانة، وشوية من اليابس الذي أضحى رمادا لبعض الضعوف الذين على هامش الحياة، فيبلعوه أو ينشب في حلوقهم هم وحظهم المنيل، وأول ما يوصل قادة الانقلاب «السلمي» الذي لا يراق على جوانبه الدم، يصدرون أول قرار وتصريح يكون أن الانقلاب هو لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، وأن قادة الانقلاب سيرشحون أنفسهم ليس طمعا أو حبا في السلطة، فكل واحد فيهم مكره أخاك لا بطل.

وثاني قرار لذر الرماد في العيون منع أي شيء يمت «للسلطة» ولو بشق جزرة، كل هذا البذل والتضحيات لأجل عيون المواطنين الذين ضاعوا بين حمانا ومانا، ولا يعرفون ما هي الطبخة إلا أنها دائما غير ناضجة، كما يمنع رئيس الانقلاب بأمر تنفيذي تناول السلطة على مائدته بل عدم وضعها ضمن المائدة ذاتها، للتأكيد أن أي شيء يمت «للسلطة» بصلة ولو بمرقة ممنوع. فقال أحدهم، طيب فخامتك السلطة طبق مهم وعدم وجودها يثير تساؤلات، قال: اعملوها بس بدون خيار، ولا أشوف حتة خيار لأحد، قالوا: فخامتك إيش رأيك نحط معاها شوية ملوخية، هي خربانة خربانة، قال الرئيس: والله جبتها، وضحك، وبكذا نقطعها أوصال صغيرة وإلا أقلك نخرطها وتصير تجربة لما سننفذه في أماكن الناس الذين ما يحبون الثورة، وكمان حطوا معاها «كوسا» وكثروا منها، أكيد راح نحتاجها في الانتخابات وينقلب عليهم آخرون وأول تصريح لم نأت حبا في السلطة. 2- وعلى هذا النمط العالي من الهياط والكذب واستغلال مسمى الثورات لخداع الشعوب توجد هناك أنماط أخف وزنا ولكنها داهية في هذا المجال ويا ويل يوصل أحدهم مكانة تشن وترن، خاصة في الميديا والوسائل الإعلامية المؤثرة إلا وينسى كيف كان وكأنه أتى لينتقم من حظوظه العاثرة، وهمه أن يرى كل إنسان أن جنابه محبوب الجماهير.. طبعا كل هذه الأفعال ليس لها من قريب أو بعيد بشهوة السلطة والهياط والتنمر، بل الناس حسدة وهم ينتقدونه عمال على بطال.


وفي هذه العاصفة الإعلامية يتناسى هذا الإنسان ومثله الأهل والأصدقاء، وكل رفاق الأحوال الخوالي «خلهم يولون» وهنا يأتي دور الزفيفة والمصلحجية، وبالذات من ترك كل عناصر القيم لتحل محلها عناصر تمسيح الجوخ ويا سيدي أمرك، والسير من خلفه والتصفيق حتى عن بعد لأي كلمة تخرج من فاهه الرهيب، وإن كانت مجرد هراء بعد ما أصغى صديقي فلان للكلام، قال إن الأمر أصبح أمر من ذلك، قلت كيف، قال يا أخي بعض المشهورين في الميديا والمهايطين وبالذات في أجواء الأندية، يفتح فمه مجرد حركة لوجستية بدون ما ينطق، طبعا وبالتأكيد، لا أحد يسمع شيئاً ولكن تفاجأ بالتصفيق الحاد إعلانا عن جمال الحديث الذي لم يحدث أصلا.

ويزيد صديقي لقد حضرت دعوة وصلتني بطريقة ملتوية، قاطعته أولا قل لي ما هي الطريقة الملتوية، علمنا، رد تعرف أن صديقي علان يعرف اللاعب في النادي المفضل للمهايط منيفيخ بن تنيفيخ، قلت إيه عندي خبر وأنه يموت في دباديب أي لون مثل شعار ناديه المفضل، قال هذا اللاعب الذي ذكرته هو عين ليلى عند هذا الرجل، وكلمته ما تنزل الأرض تبقى سبحان الله معلقة في سقف الغرفة، إشارة إلى مقامها الرفيع، وأحيانا إذا لزقت في السقف يقلعونه من لغاليغه مع كلمة هذا اللاعب تقديرا لها، وواحد من أصدقائي يشجع النادي نفسه، وعامل أراجوز للاعب، فقال لي مرة ايش رأيك أضعك في جو الهياط الذي على أصله وتشوف مجلس ما أظن مر عليك، وداعبني الفضول، قلت أوكي مشينا ورحنا هناك، وأول ما دخلنا قال المعزب من الذي معك ويشجع من وبغيت أتكلم، إلا وصاحبنا قال انكتم، وعرف علي أني أشجع ناديه المفضل، وأني كل يوم لما أقوم في الصباح أول شيء أسويه جري علي النادي حقهم، وأقبل ذا الجدار وذا الجدار وأقول وما حب الجدار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديار، فقال والنعم، هذا السنافي يا بعد قلبي أجل مننا وفينا، وسألني إيش أحلى هدف شفته للمهاجم الفلتة حقنا، قلت ما ذقتهم، قال كيف، فقلت في نفسي الله سلم طيب الذي ما فهم، وبغيت أطجها وأقول له ما أدري، إلا أشر لي خوي بعينه وكانت حتى حمرا، فقلت تبغا الصراحة طال عمرك قال ايه، قلت من كثر حبنا لنادينا أشوفها كلها عسل.. قال ترى ناديي أنا أول، بعدين أنتم، قلت سم طال عمرك بس زل لساني، قال زل ولا حنبل، وأنا وقتها متوتر ولا أسمع إلا الضحك يجلجل وناس صوتهم وصل لخارج الصالون من الضحك، واللي طاح ثم قام وقفز عالياً وطاح ثانية ويفرفص رجوله في الأرض، وواحد أشوفه يأخذ موية من الزجاجة ويمسح عيونه وخدوده يعني دموع الضحك، والحقيقة إنها دموع الضحك مش على الذقون ولكن على العقول التي عميت من الكبر «والصغر».. وأنا ما جاني الضحك. ففرصع خوي عينه فيني فانتبهت، قلت يا طويل العمر ترى من كثر حلاوة النكتة ما في عندي ضحك يكفي لها، ولكن تسمح لي أخلي الضحك حقي لبعدين لما أروح للبيت لأنه كله هم وغم، على الأقل أخذ من الضحك الذي خزنته، قال طيب لا تفشلنا اضحك زي الناس عند أهلك رديت تم وسم.

الحاصل، هذا يمدح والثاني يقول له يا عمي ما دام ما تعرف تعدد مناقب طويل العمر التي يعرفها القاصي والداني إيش لك تدخل عصك في الذي ما يخصك، يرد أف بس قلت أعبر عن الذي في قلبي، قال خلاص انكتم، ترى أبو تنفاخ ما يحب النفاق وخاصة الذي أي كلام، يا على أصوله ولا بلاش، هيا ضف خلقتك.

المهم والكلام لصديقي فلان خرجت وأنا أضحك على شهريار وشهرزاد أتاريهم كانوا أي كلام.