التقينا في أحد المقاهي للحديث عن أحلامنا المتطايرة في الهواء، هناء تحكي: لقد تسلل اليأس لقلبي، وبدأ طموحي ينفد.
ترد سمر: لقد فقدت الأمل وأمسيت عالة على والدي المتقاعد، ولا أخفيكم بأني أفكر في الزواج، كي أزيح عن كاهل والدي العبء الذي أثقلتُ به.
وأردفت «حور»: أمركم هين، فوالدي متوفي منذ زمن بعيد، ومعاش التقاعد لا يكفي مصاريف أخوتي الأصغر مني، بدأت والدتي ببيع بعض الأطعمة والأشياء البسيطة كي تستمر الحياة.. وكنت أتوق للتخرج كي أريحها براتبي الذي أجنيه من الوظيفة، ولكن بدى ما أتمناه حلما يصعب تحقيقه.
هناء: لماذا لا نضع أيدينا مع بعضنا ونكون فريقا.. خطرت ببالي الفكرة للتو، هناك مواهب مدفونة، أتذكر عندما كنا ندرس أن سمر تحبُ التصوير؛ وحور تحُب الرسم وأنا احُب صنع القهوة.
تسأل سمر: ومن أين نأتي برأس مال يدعم مشروعنا هذا؟ نحتاج لأدوات كثيرة لكي نقف على أقدامنا.
هناء: في البداية سنأخذ من البنك قرضا بمبلغ صغير بموجب راتب والدي، ونسدد المبلغ من أرباحنا، قبل كل هذا سنتعلم ونأخذ دورات لتطوير مواهبنا، وعندما نكون جاهزين سنبدأ في اختيار المكان، وإحضار آلات القهوة وما يختص بها.. سمر ستصور المكان وتنقل كل هذا للتواصل الاجتماعي، ستبدأ حور في الرسم ونعلق بعض الرسومات على حائط المقهى ونسميه «مقهى الصديقات»، وأنا سأعلن في الجامعة أن هناك خصومات للطالبات، وإذا حضرت خمس صديقات هناك وجبة مجانية لإحداهن.
امتلأت عيون الصديقات من جديد بالتفاؤل والأمل وانتقلوا بكل نشاط للتعلم، والعمل لإنجاح المشروع الذي سيغير حياتهن ويبدلها للافضل، دون انتظار الوظيفة.
بعد عدة أشهر من البحث عن مكان مناسب وبمساعدة الأهل، صار الحلم حقيقة على أرض الواقع، وبالمثابرة والجهد الدؤوب كبر المحل وأصبحت له فروع وموظفات خريجات من الجامعة، وأصبحت حور تبيع رسوماتها بأغلى الأسعار، وتشارك في المعارض. وسمر تتجول بكاميرتها تلتقط الصور الجميلة.. في المطاعم المشهورة والمقاهي، وهناء أكملت الماجستير في إدارة الأعمال لتكون سيدة اعمال تهتم بأكبر المشاريع في الدولة.
نعم هذه الفتاة السعودية تصنع من القلة والحاجة الاكتفاء.. لقد نهضت بدولتها، وانتعش الاقتصاد بأفكارها النيرة.
لا نحتاج سوى التفكير والعمل الدؤوب، فبلدي معطاءة، تمد يد المساعدة للشباب.
لا تنتظر الوظيفة.. بامكانك أن توظف أصدقاءك وتكون عجلة منتجة، تفتخر بك المملكة العربية السعودية.