هذه الأيام، كثر استخدام جملة (وفق الضوابط الشرعية)، وأصبحنا نسمعها ونشاهدها في كل مكان، يرددها أصحاب المصالح ويزينون بها إعلاناتهم، ويزداد رواجها في كل حدث أو ظاهرة جديدة، قد يتهيأ للبعض كونها منافية للشرع أو متعارضة معه، حتى اقترنت عبارة (وفق الضوابط الشرعية) بأمور كثيرة في حياتنا، بعضها مما كان مضبوطا في الأصل ولا يحتاج لضبط، والبعض الآخر مما يستعصي على الضبط اجتماعيا، فضلا عن الضبط شرعيا. ولعل الهدف من هذه الضوابط المعلن عنها، إما أن يكون لترويج حدث ما، أو لتخفيف حدة رفض المجتمع لموضوع أو حدث آخر، لمخالفته لعادات وتقاليد هذا المجتمع، فكم هو صعب جدا مثلا أن أقنع المجتمع الذي يرفض قيادة المرأة للسيارة، أن يتقبل امرأة فارسة تمتطي ظهور الخيل وتسوسها إلا إن أتبع الإعلان عن تدريب الفتيات على ركوب الخيل بجملة، وفق الضوابط الشرعية، وقس على ذلك تسلق الفتيات لقمم الجبال وممارسة رياضة كرة القدم والغوص.
ومؤخرا شاهدت إعلانا لأحد المشاغل النسائية (إزالة شعر الوجه، حسب الضوابط الشرعية) ولعلنا نلاحظ أن إقحام الضوابط الشرعية لا يزدهر إلا في المجالات التي تخص المرأة بشكل محدد، حتى في المجالات الأكثر وضوحا وأقل لبسا من الرياضة والقيادة، والتي تمارس فيها المرأة حقا من حقوقها التي كفلها لها الشرع كامرأة مسلمة، ولا تحتاج فيها إلى معاني الضبط والمحاصرة والإلزام، والتي تجمعها مفردة ضبط، كالعمل بشكل عام، حيث يعبر الرجال عن موقفهم من عمل المرأة مثلا إما بالرفض أو بالموافقة وفق الضوابط الشرعية، هذه الضوابط التي اعتادوا إقحامها في كل شؤون المرأة بينما هم يعنون على وجه الحقيقة الضوابط القهرية الاجتماعية والتي لا تأخذ شرعيتها من أحكام القرآن والسنة، وإنما تستمدها من سلطة وقوانين المجتمع، وإلا فإن كثيرا من الأمور التي تمارسها المرأة لا تحتاج فيها إلا لنفس القدر الذي يحتاجه الرجل من الوازع الديني والأخلاقي، والتهذيب السلوكي.
أتمنى أن يتم التواصل بين من يعلنون عن الضوابط الشرعية في كل عمل، وبين أصحاب العلوم الشرعية ويعلن كل منهما عن هذه الضوابط ومدى مطابقتها لما جاء به الشرع بالفعل، ليكون عامة الناس على بينة.