لعل في هذا المقال أسلط الضوء على ما لاحظته من كفاءة إحدى نظريات تعديل السلوك لرفع كفاءة الموظف وهي تندرج تحت أمثل طرق للقيادة وهي القيادة بالتحفيز، تسمى هذه النظرية «نظرية تحقيق النبوءة الذاتية»، تعرف تلك النظرية على أنه عندما يوقع شخص (الرئيس) من شخص (المرؤوس) أداء عمل بشكل معين وإخباره بذلك فإن المرؤوس يعمل للوصول لتحقيق تلك الصورة. والأمثلة على ذلك عديدة، ولعلي أذكر فيما يخص المجال الوظيفي مثالين أحدهما إيجابي، والآخر سلبي، وكلاهما يدلان على فاعلية تلك النظرية.
المثال الأول هو عندما وضعت الثقة في الموظف السعودي ووضع في قالب الموظف المتقن والمتفاني في تقديم عمله، أصبحنا نرى كثيرا من الموظفين يعملون على مدار اليوم طوال الأسبوع في سبيل تحقيق تلك الصورة والوصول إلى ذلك القالب، بعد أن كانت الصورة النمطية للموظف أنه متقاعس في أداء عمله.
ولعل التقدير والشكر من الإدارة يعمل على مساعدته وإعطائه الثقة في اتخاذ القرار.
في الجهة الأخرى، عندما يوضع الموظف في قالب الموظف المهمل كثير التأخير والإجازات المرضية، فإن الطريق لذلك القالب سيكون أسهل عليه من تحدي إدارته وإثبات العكس، وهذا ما يحدث في بعض المجتمعات الوظيفية، كما أنه عندما يوضع الموظفين من فئة معينة أو جنسية معينة في قالب الفشل يزيد الصعوبة على من يبحث عن النجاح لكي يثبت العكس.
ختاماً، لا شك أن لكل قاعدة شواذ، وهناك كثير ممن وضع في قالب الفشل ونجح في كسر القاعدة والعكس صحيح، ولكن وضع الموظف في قالب النجاح وتحفيزه بإخباره عن أن المتوقع منه الإبداع والنجاح سيسهل عليه اختيار طريق النجاح وزيادة كفاءة عمله، كما سيخفف التوتر الناشئ عند وجود أي تقصير.
وأضيف إلى ذلك أن تحقيق النبوءة الذاتية لا يندرج تحت الإدارة في المجال الوظيفي فقط، بل يمتد حتى عند التعامل مع الأبناء وتربيتهم، فوضع الابن في قالب الابن البار، المتفوق دراسياً والمحافظ على دينه سيساهم في تحفيزه لبذل الجهد لتحقيق ذلك، ومثال على ذلك في قصة الدكتور أحمد زويل- رحمه الله- الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، يقول في سيرته: إنه عند سن العاشرة علق والده ورقة على باب غرفته وكتب عليها الدكتور أحمد زويل، وبقي ذلك اللقب حافزاً له طوال مسيرته.