وفي حقيقة الأمر كل ما نراه أماننا هو انعكاس لما في داخلنا كما يقول الله في القرآن (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فكل ما نراه من خير أو شر يحصل لنا فهو بما كسبت أيدينا، كما قال الله في القرآن (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ). فحياتنا اليومية هي انعكاس لتفكيرنا كما يقول ستيفن كوفي (الأشياء تبتكر مرتين.. مرة في الذهن، ومرة في الواقع).
ولذلك قال أحد الفلاسفة (أنا أفكر إذن أنا موجود) فهؤلاء وغيرهم يقصدون بهذه الأقوال والحكم تبيان خطورة تأثير نوايانا وأفكارنا وتصوراتنا الذهنية على مصير حياتنا.
فكما ترابط المسلمون وأصبحوا كالجسد الواحد فإن الإنسان أيضا مترابط، «فكما هو في الداخل كما هو في الخارج» وهو «كون بذاته» كما قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: وتزعم أنك جرم صغير... وفيك انطوى العالم الأكبر.
وتلك المرأة التي جاءت غاضبة إلى الطبيب وقالت له إن الناس يعبسون في وجهها كل صباح! فأشار إليها أن تبتسم عند ذهابها وعودتها من عملها، وفعلت، فكانت ردة الفعل أن ابتسم الجميع لها!.
وهذه القصة وغيرها تؤكد أن الناس والأقدار وكل ما يحصل في حياتنا هو انعكاس لما في داخلنا.. وكلما صححنا نوايانا وغيّرنا صورنا الذهنية السلبية، ووضعنا مكانها صورا إيجابية كلما سارت بنا الحياة نحو الأفضل.
وهذا يؤكد أن «بوصلة الطريق فينا»، وبصيرة المسار تسكننا، وعلينا فقط أن نتجدد ونُجدد أعماقنا، ونصقل جوهرنا، ولا نُعلّق مشاكلنا وصعوبات حياتنا على أشياء أخرى، أشياء بعيدة عنا!، ونضع الشماعة على الآخرين أو على الأقدار أو على أي شيء آخر ننزه من خلاله أنفسنا، ونهرب من أشياء نحن كنا السبب الأصيل فيها.
وهذا يتأتى بمواجهة ذواتنا والاعتراف بتقصيرنا، حتى ولو كانت أخطاء لا نعرفها، كما كان البعض يدعو ربه «أن يغفر له الذنب الذي لا يعلم».
وبناء عليه فإن علينا أن نعرف أن كل شيء يحصل في حياتنا لنا دور فيه، والحل في «وضع بوصلتنا على خارطة الحياة الصحيحة» بتصحيح النوايا وصقل النفس، ليربط الله على قلوبنا، ويدعمنا نحو تحقيق المستحيل، وحينها لن ينطبق علينا قوله تعالى (وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ).
حكمة المقال: في أعماقك ما يُحرّك حياتك.. وبحسب نواياك وإصرارك تسير حياتك نحو الأفضل أو الأسوأ!.