عادت "القوائم الذهبية" من جديد بتزكياتها ومنحها الأفضلية لمرشحين في المجالس البلدية على حساب آخرين دون اعتبار للأنظمة الرافضة لتلك التجاوزات.

وقبل يوم الاقتراع، مرر أكاديمي في جامعة الملك عبدالعزيز قائمته بأسلوب مختلف بعيدا عن رسائل الجوال هذه المرة وعبر موقعه الشخصي. إذ كتب الدكتورعلي بادحدح مقالا مطولا، وصل فيه إلى التزكية والترشيح، وذكر أسماء أشخاص من المرشحين، قبل أن يختتم مقاله بقوله "وهؤلاء جميعهم من أهل الديانة والأمانة والصلاح".

ودافع بادحدح عن موقفه بالقول "من حق أي إنسان يرى صلاح بعض المرشحين ويعرفهم جيدا أن يدعمهم وهو رأي شخصي".



ربما لم تنته جدلية انتخابات دورة المجالس البلدية الأولى في عام 2005، التي فجرت معها أسلوب "التزكية الشرعية"، أو ما اصطلح عليه حينها "بتزكية القوائم الذهبية" التي أثارت جدلاً واسعاً وكبيراً في ذلك الوقت، وقدمت من خلالها الطعون الانتخابية على مرشحي القائمة.

وتعود حيثيات القصة التحالفية بترشيح أسماء محددة لاقت ترحيباً من بعض العلماء الشرعيين، وأرسلت إلى قطاع واسع من أجهزة النقال الشخصية، وهو ما اعتبره أحد المرشحين نوعاً من الوصاية الفكرية المجتمعية على أصوات المرشحين، وأخطاء في العملية الانتخابية وتسيد منطق المغالبة على رأي الشارع المحلي وغياب الديموقراطية في تكافؤ الفرص.

وقال: إذا عادت تلك التزكية فلماذا تجرى انتخابات وحملات إذا كانت النتائج معروفة سلفاً؟، فيما أضاف مرشح آخر أن ذلك يأخذ من حقوق المرشح ويعد وصاية تضر ببرنامجه الانتخابي وأصوات الناخبين، وقال المدون فؤاد الفرحان عبر تعليق خاص إلى "الوطن": إن فكرة القوائم الذهبية قد أثبتت فشلها من خلال أدائهم الضعيف في دورة المجلس البلدي المنتهية ولايته.

وقبل يوم واحد من بداية الفصل الانتخابي الجديد في دورته الجديدة التي تنطلق صباح غدٍ الخميس تعود الرواية من جديد وبأسلوب مختلف هذه المرة ولكن ليس عبر الجوالات ولكن عبر المواقع الشخصية الإشرافية، وباستخدام أسلوب المقالات الصحفية، حيث كتب أحد رؤساء الأقسام بجامعة الملك عبدالعزيز، المشرف على موقع إسلاميات في الثالث والعشرين من سبتمبر الجاري مقالاً مطولاً حمل عنوان "المجلس البلدي.. احتساب مدني"، وصل فيه إلى جزئية التزكية والترشيح، وذكر أسماء أشخاص من المرشحين قبل أن يختتم مقاله بقوله "وهؤلاء جميعهم من أهل الديانة والأمانة والصلاح والاستقامة وقولي ذلك مبني على معرفة مباشرة بهم هكذا أحسبهم والله حسيبهم".

إلا أن صاحب المقال الدكتور علي بادحدح دافع عن ترشيحه وتزكيته للأسماء التي ذكرها قائلاً في تعليق خاص إلى "الوطن": من حق أي إنسان يرى صلاح بعض المرشحين ويعرفهم جيداً أن يدعمه وهو رأي شخصي ومتعارف عليه في الطبيعة الاجتماعية والسياسية".

اليوم يومكم

وما بين "اليوم يومكم" وهي العبارة التي ينادي بها عدد من المرشحين من يعتقدون أنهم سيستجيبون لهم من قبل الناخبين وما بين وعي المجتمع لانتخاب الأصلح والأفضل للمساهمة في تطوير وتنمية الخدمات البلدية في كل محافظة يسدل الستار على مشاركة الناخبين في المجالس البلدية، سيكون الحسم النهائي لتلك المرحلة من مسيرة الانتخابات.


انتخابات قبلية

رئيس بلدية محافظة الخفجي سعيد الشويل، قال لـ"الوطن" أمس: إنه على الرغم من وجود ما ينادي به بعض المرشحين لاستجداء الناخبين كعبارة "اليوم يومكم يا جماعة"، إلا أننا على قناعة كبيرة بأن مجتمع الخفجي يمتاز بنسبة كبيرة من الوعي الانتخابي والثقافة في هذا الجانب، آملين أن يكون اختيار المرشحين من باب الأفضلية.

وفي تعليقه على أبرز المواقف في العملية الانتخابية، قال: إن أحدهم وصف لي عملية استجداء المرشحين للناخبين وما لاحظه فيها بقوله: "سموا هذه الانتخابات بانتخابات القبيلة بدلاً عن انتخابات البلدية".

توجه الناخبين

وفي رأي مغاير، كان لرئيس لجنة الانتخابات بمحافظة حفر الباطن، مدير بلديتها محمد الشايع، مشاركة في التعليق على هذا الموضوع، وقال لـ"الوطن" أمس: إن عبارة "اليوم يومكم" لم ألحظ لها وجودا أو تأثيرا على توجه الناخبين لاختيار المرشحين، على الرغم من أن مجتمع حفر الباطن يغلب عليه الطابع القبلي، فما أراه هو أن الكثير من المرشحين استطاع إقناع من هم من خارج قبيلته بما لديه من برنامج انتخابي، وهناك مرشحون أكفاء سجلوا قبولاً لدى شريحة كبيرة من خارج القبيلة.


بيع الأصوات

وفي منحى آخر، سجلته أحداث الانتخابات البلدية في محافظة الخفجي في الأيام الأولى لها، دخلت على الخط مسألة "بيع الأصوات"، حيث عرض أحد الناخبين على مرشح 40 صوتاً يرغب ببيعها، إلا أن ذلك المرشح رفض الأمر.

وكاشتراط وضعه أحد الناخبين على مرشح في الخفجي مقابل التصويت له، طلب الناخب أن يتعهد المرشح بمنح أبنائه قطع أراض في حال فوزه، وهو ما علق عليه بقوله: يعتقد الكثير من الناخبين أننا نملك صلاحيات غير محدودة.

إشاعات تقنية

فيما استغل بعض أنصار المرشحين في محافظة القطيف، تقنية الـ"بلاك بيري" وبرامج التواصل مثل الـ"واتس آب" للكشف عن مساوئ خصومهم من المرشحين وبث الإشاعات التي تهدف إلى إضعاف فرصة فوز المرشح المنافس لكل طرف.

وأكد عدد من المواطنين لـ"الوطن" أمس أنهم استقبلوا عبر أجهزتهم المحمولة سيلاً من الإشاعات والشتائم وما أسماه المرسلون بـ"الفضائح"، وذلك من قبل أنصار بعض المرشحين في محافظة القطيف، حيث يقول بعض ما ورد إلى تلك الأجهزة "إن هذا المرشح انسحب". فيما تعمد البعض الآخر ترويج إشاعات يتهم فيها آخرين بالفساد، وجميعها تصب في هدف واحد، وهو محاولة إضعاف الخصوم من المرشحين.

وقال المواطن صلاح آل ناس ـ أحد من تلقى سيلا من تلك الإشاعات ـ إن بعض ضعاف النفوس دائماً ما يستغلون تقنية الأجهزة الحديثة لبث الإشاعات والإساءة للآخرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.





وعود خارج الصلاحيات

وفي حائل لم يستوعب مرشحو المجالس البلدية دروس انتخابات الدورة السابقة، وأطلق عدد من المرشحين الجدد وعودا في برامجهم الانتخابية لا تدخل ضمن صلاحيات المجالس البلدية.

واستمرت مزايداتهم عبر وعود وبرامج لا يمكن تحقيقها في ظل وجود اللائحة النظامية لها، وأبرز تلك البرامج التي احتوتها حملاتهم الإعلامية وعود أحد المرشحين لناخبيه بفتح مدارس نموذجية في المدينة، وآخر يعد بالاهتمام بالبيئة وزيادة المسطحات الخضراء.

فيما وعد الكثير منهم بإعادة تأهيل المرافق الأثرية لتصب في تشجيع القطاع السياحي، وإيجاد حلول للحوادث المرورية وحصر الأسر المتعففة من أهالي الدائرة والتنسيق مع الجهات المختصة لمساعدتهم، وتحولت سيرهم الذاتية وشعاراتهم إلى محل تندر المواطنين من تلك الفقرات التي تحاول استعطاف الناخبين.

 


استمالة الأمانة

ومع اقتراب العملية الانتخابية من مرحلة الحسم، عمد بعض مرشحي الأحساء إلى استمالة الجهازين الإداري والفني في أمانة الأحساء ومحاولة كسب تعاطفهم معهم بالتزامهم في كل لقاء بالثناء على جهود الأمانة وما تقدمه من خدمات. وعلق أحد الناخبين على ذلك بقوله "إن المرشح يعتقد أن الأمانة هي التي ستصوت له لا الناخبون من المواطنين".

إلى ذلك، تباينت الأطروحات التي يقدمها المرشحون خلال برامجهم الانتخابية ولقاءاتهم بالناخبين داخل مقراتهم الانتخابية، على الرغم من انخفاض أعداد الحضور، نحو اتجاه خدمات البلدية الحالية، فمنهم من اتجه للحديث عن السلبيات في البلدية والانتقاص من أعمال البلدية، في حين اتجه مرشحون آخرون إلى ذكر الجوانب الإيجابية والإشادة بما تقدمه أمانة الأحساء من جهود وخدمات دون التطرق للسلبيات أو الإساءة إلى الخدمات البلدية المقدمة، والبعض الآخر من المرشحين ذكر الجانب الإيجابي والدور الذي تؤديه الأمانة والثناء عليه وفي نفس الوقت تطرق للقصور في بعض الخدمات التي يسعى من خلالها كمرشح بلدي لتلافيها مع الجهاز الإداري بالأمانة. فيما سجلت أعداد الحضور في المقار الانتخابية لمرشحي انتخابات أعضاء المجلس البلدي بالأحساء في دورته الثانية، قلة ملحوظة في معظم المقار الانتخابية للمرشحين في الدوائر كافة؛ حيث شوهد أكثر من مرشح يجلس في مخيمه معه عدد قليل من أبنائه وأقاربه.


زيادة أعضاء

وفي شأن متصل، وافق وزير الشؤون البلدية والقروية، الأمير منصور بن متعب على زيادة أعضاء المجلس البلدي بمحافظة الجموم إلى 8 بدلا عن 6 ومركزي مدركة وعسفان إلى 6 بدلا عن 4.

أوضح ذلك أمين العاصمة المقدسة، رئيس اللجنة المحلية للانتخابات الدكتور أسامة البار في مؤتمر صحفي أمس، مشيرا إلى أن عدد المواطنين الذين تحق لهم المشاركة في الانتخابات غدا 37 ألفا و570 مواطنا منهم 31 ألفا و500 بالعاصمة المقدسة و3900 بمحافظة الجموم و800 بمركز عسفان و1300 بمركز مدركة. وأضاف: أن عدد المرشحين لعضوية المجلس البلدي بلغ 144 مرشحا.