قبل وبعد وفاة معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم كتب بعض العلماء والكتاب والمثقفون والتجار في المملكة وخارجها عن شخصية أحمد صلاح جمجوم والحقيقة لا تكفي موسوعة لتاريخ وإنجاز هذا الرجل الكبير بخلقه وعلمه وعمله ولا مجال لكتابة مناقب هذا الرجل القادم من عائلة عريقة ذات تاريخ تجاري وعلمي وعندما يذكر التعليم والتجارة تذكر هذه العائلة، ولا ننسى تاريخ أحد مؤسسي هذه العائلة وهو الشيخ عبدالرؤوف جمجوم الذي تخرج بتفوق قبل قرابة مئة عام من الأزهر الشريف ورجع ليعمل في جدة في التجارة المتواضعة، كان حكيماً وقوراً يحظى باحترام الجميع في مدينة جدة جمع عائلة الجمجوم في بيت واحد وكتب وصيته قبل أن يموت وكانت وصية نادرة فهي موسوعة في تعليم الأجيال المتعاقبة من نفس الأسرة أوصاهم بالحفاظ على دينهم وسنة نبيهم والتآخي بينهم والصدق والأمانة في العمل وعدم الدخول في أي مجال تجاري يغضب الله أو يخرج عن قيم التجارة وصية طويلة أطلعت على بعض منها. ومنها منع التعامل في تجارة الدخان أو استخدامها. ومن مؤسسي عائلة الجمجوم الشيخ محمد صالح جمجوم الذي تولى الأشراف على مدارس الفلاح بجدة إبان الحرب العالمية عندما تأخر مؤسسها الشيخ محمد زينل في الهند وكانت له قصص عديدة في الوفاء لمدارس الفلاح بجدة، وتعاقب التميز في عائلة الجمجوم التي منهم أبناء الشيخ صلاح جمجوم وعلى رأسهم المرحوم بإذن الله الشيخ محمد نور جمجوم ومنهم معالي المرحوم بإذن الله الشيخ أحمد صلاح جمجوم وزير التجارة الأسبق ومدير عام مصنع الأسمنت بجدة الأسبق ومدير عام مصلحة الزكاة والدخل الأسبق ورئيس مجلس إدارة ومدير عام مؤسسة المدينة للصحافة. هذه بعض المناصب التي تولاها وهي عديدة جداً يصعب حصرها. وإنما أهم إنجازاته في وجهة نظري الشخصية هي تصدره مع زملائه من الرجال المخلصين في هذا الوطن رجال أعمال ومفكرين لإنشاء أول جامعة أهلية في المملكة وفي مدينة جدة حيث لم تكن هناك جامعة سوى جامعة الملك سعود بالرياض. لقد كان وجوده ضمن اللجنة التأسيسية أحد الركائز الأساسية للبدء في عمل الجامعة ولن أنسى مقولته المشهورة لنا نحن قدامى طلبة كلية الاقتصاد والإدارة أم الكليات وأولها في جامعة الملك عبدالعزيز عندما ذهبنا نشكو له حالنا المالي ووضع الجامعة الاقتصادي وخوفنا أن تتوقف الجامعة فقال لنا (جامعة تحمل اسم المؤسس لهذه الدولة لن تقف أو تتأخر فحب أبناء عبدالعزيز لوالدهم المؤسس يمتد إلى حبهم لجامعة الملك عبدالعزيز) وشجعنا بكلمات قائلاً أنتم ستساهمون في قيادة اقتصاد البلاد يوماً من الأيام وسيكون منكم الوزراء ونوابهم ووكلاؤهم وسيكون بعضكم من كبار التجار والصناع. وبالفعل صدقت رؤيته وأصبح قدامى الخريجين في أعلى المراكز القيادية في الدولة وخرج منهم كبار الصناع والتجار والوزراء ونوابهم.

وفي الأسبوع قبل الماضي استلمت دعوة من أخي الأستاذ الدكتور حسام العنقري عميد كلية الاقتصاد والإدارة لحضور حفل تكريم لقدامى الخريجين برعاية صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة الذي أناب عنه معالي مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأستاذ الدكتور أسامة طيب وكان لي الشرف أن ألقي كلمة الخريجين القدامى وعند أخذي الكلمة نظرت أمامي للصورة التاريخية التي حافظت عليها جامعة الملك عبدالعزيز وجمعت هيئة التأسيس للجامعة مع المؤسس الحقيقي لجامعة الملك عبدالعزيز الملك فيصل بن عبدالعزيز طيب الله ثراه وهو صاحب القرار بإنشاء الجامعة الأهلية وصاحب القرار بتحولها إلى جامعة الملك عبدالعزيز الحكومية وكان بجواره في الصورة المرحومون بإذن الله معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم وسعادة التاجر ابن التاجر كما كان يحلو له أن يلقب الشيخ وهيب بن زقر وسعادة الدكتور أحمد محمد علي أطال الله في عمره أول عميد لكلية الاقتصاد والإدارة وسعادة السيد محمد الحبشي أطال الله في عمره ومجموعة أخرى من المؤسسين تتقدمهم مبادرة معالي الشيخ عبدالله السليمان وزير المالية الأول والأشهر بالتبرع بالأرض والشيخ باخشب باشا الذي تبرع بمليون ريال وهي تساوي اليوم مئات الملايين وأكثر. الحمدلله الذي تحققت في عهد الشيخ أحمد صلاح جمجوم أحلامه في جامعة الملك عبدالعزيز التي أتمنى على أخي معالي الأستاذ الدكتور أسامة طيب مدير جامعة الملك عبدالعزيز أن يسير في نفس الاتجاه في تكريم أوائل المؤسسين للجامعة حيث كانت خطوة تكريم معالي الشيخ عبدالله السليمان بتسمية إحدى القاعات في الجامعة باسمه تقديراً من الجامعة، كانت خطوة إنسانية فيها لمسة وفاء حتى وإن تأخرت كثيراً، وبهذه المناسبة فإنني أتمنى تسمية قاعات أخرى في كليات الجامعة بأسماء المؤسسين الأوائل ومنهم معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم الذي أوصى ابناء عائلة الجمجوم بدعم الجامعة والعمل بها وعدم النظر إلى العائد المالي. وتلبية لتوجيهه كان من أبرز من خدم جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور شهاب جمجوم رئيس مركز الوسائل التعليمية بالجامعة سابقاً وكيل وزارة الإعلام للإعلام الخارجي سابقاً الذي يعود له الفضل بعد الله وقيادة الجامعة آنذاك في إنشاء الشبكة التلفزيونية التعليمية التي أتاحت الفرصة للطالبات في الجامعة لأن يتابعن محاضرات الأساتذة الدكاترة من قسم الطلاب نظراً للعجز في توفير أعضاء هيئة تدريس من النساء، فكان الدكتور شهاب جمجوم أحد رواد التعليم الجامعي الحكومي والأهلي وأحد رواده ومنهم سعادة الدكتور محمد عمر جمجوم عميد أول كلية للهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز والدكتور هشام جمجوم رجل الأعمال الذي استقطع من وقته آنذاك ليدرس في كلية الاقتصاد والإدارة استاذاً غير متفرغ وبدون مقابل. وغيرهم من أبناء العائلة من الأطباء والطبيبات الذين يخدمون الجامعة.. رحم الله الأستاذ أحمد صلاح جمجوم وسيبقى ذكره وعمله الطيب على مر التاريخ.. رحم الله أبا هاني ومروان.