سبع سنوات حملت المملكة العربية السعودية إلى واحدة من أضخم قفزاتها منذ التأسيس، نحن الآن نملك من البصيرة والوعي والقوة ما يمثل انعكاسا لواقعنا الحقيقي الذي واصلنا صناعته في ظل عبدالله بن عبدالعزيز، ذلك أنها سبع سنوات غيرت كل شيء، وأخرجتنا من السكون إلى الحركة ومن المألوف إلى المتغير والمتجدد، الآن ثمة حيوية واسعة تشاهدها في كل ما يحيط بك. في سبع سنوات، تغيرت مداخل وواجهات المدن في المملكة، ظهرت مشاريع نوعية تؤسس لبنية جديدة، وتضع أساسا لمستقبل أكثر استقرارا. لأننا اتجهنا إلى إعمار الأرض وإعمار الإنسان. فالمشروعات الاقتصادية الضخمة التي نعيش الآن شهودا على قيامها وعلى التوجه الحقيقي الذي يدرك مدى أهميتها، تكاد تحيط تلك المشروعات بكل الجوانب التي تهم حياة الإنسان السعودي. تلك المشروعات سارت ومعها وبمنطق مواز عملية واسعة لبناء الإنسان، أو بالأحرى فتح كل الآفاق التي تعينه على بناء ذاته، فلقد شهدت المملكة أكبر قفزة في مسيرة التعليم الجامعي على امتداد تاريخها في مقابل مشروع هو الأضخم لتطوير التعليم العام في المملكة.
ومشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يمثل الذراع الأهم في صناعة الكادر السعودي المؤهل والمدرب والقادر، بل والقريب من العالم والمتأثر به والبعيد عن الانغلاق والسلبية وعدم التفاعل. لقد أسس عبدالله بن عبدالعزيز لثقافة واعية وضرورية للغاية، إنها ثقافة الشراكة والمحاسبة ومواجهة الفساد، من خلال دعم الحريات في الصحافة السعودية والإعلام السعودي، وهو ما جعلها منبر الناس وقضاياهم، والصوت الأول الذي لاحق كل إخلال بما يخدم الصالح الوطني.
تكللت تلك الرؤية الواعية لخادم الحرمين الشريفين بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وبمثل هذه في مجتمعنا يكون البناء المعنوي والثقافي ضرورة لا تقل عن البناء التنموي، يتم ذلك من خلال المحاور والقضايا التي لا يمكن تركها في زمن الدولة إلا للنظام ولخيارات الأفراد، مع حرية كل فرد في اختيار ما يريد ملتزما بالنظام، ولأن قضية المرأة ودعم دورها في البناء والتنمية يمثل ضرورة واستحقاقا وطنيا مستمرا، أدرك خادم الحرمين الشريفين أن المرأة المسلمة يمكن أن تقوم بدور ريادي ومؤثر وإيجابي للغاية في كل عمليات البناء الوطني، ولا يحتاج ذلك إلا لمزيد من الفرص والإمكانات والدعم، وهنا كان الرهان الأكبر على المرأة السعودية لا بوصفها قضية بل بوصفها جزءا أصيلا وأولويا في كل شيء.
أقر خادم الحرمين دخول المرأة لمجلس الشورى ودخولها ناخبة ومرشحة للانتخابات البلدية، ولها كل الفرص المتاحة في التعليم، بل شهدت مؤسسات التعليم الجامعي للبنات نقلات نوعية ليس من أبرزها إنشاء جامعة الأميرة نورة. واجهت المملكة في العامين الأخيرين الكثير من التحديات السياسية نتيجة التحولات الكبرى التي أحاطت بالمنطقة العربية، تنوعت تلك الجهود لكن أبرزها ذلك المشروع الكبير الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين لوحدة دول مجلس التعاون الخليجي: الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، فالتغييرات المحيطة بالكيانات السياسية تقتضي أيضا تغيرات مهمة في بنية تلك الكيانات بما يجعلها أكثر قوة وقدرة على المواجهة وحماية وحدتها وأمنها واستقرارها.
عبدالله بن عبدالعزيز لم يعد لدى السعوديين شخصية حاكمة فقط، لكنه بات الاسم الأبرز في الوجدان الشعبي، فآثار كل ما قام به وما قدمه تنعكس على حياة كل سعودي وسعودية، إنه القائد الذي غير وجه الدولة اقتصادا وتنمية وبناء وتطورا، بل ودعما للحريات وللمواطنة الكريمة التي تتجه الآن كل المشروعات لتصب في نهضتها.
إن سبع سنوات على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة، قد غيرت وجه المملكة فعلا، وحققت القفزات التي تحتاج في الغالب إلى سنوات أطول بكثير، لكنه العمل والإصرار والإيمان بالمسؤولية، ولكنها الروح القيادية الوفية التي جعلت من الإنسان السعودي أبرز قضاياها ومحور اهتمامها، وهذا ما يفعله القادة العظماء دائما.