البكاء للجنسين، الرجل والمرأة، وهو أمر طبيعي، وليس مقصورا على النساء، وهو جزء من التكوين العاطفي والمشاعر الإنسانية، فالبكاء استجابة طبيعية بسبب الحزن والأذى، أو الشعور بالألم، بالفرح والترح، والمواقف الإنسانية.

في المتوسط تبكي النساء بمعدل 3.5 مرات شهريًا، ويبكي الرجال 1.9 مرة شهريًا. وكما هو معروف ومُسلم به، فإن البكاء علاج، لأنه يخفف التوتر، ويحسن مزاج الإنسان الذي يبكي. بالتأكيد البكاء ليس دليل ضعف أو قوة، بل هو تعبير عن أحاسيس في مواقف معينة، وما أكثر المواقف التي يمر بها الإنسان في وقتنا الحاضر.

يخطئ من يعتقد أن الرجل لا يبكي، لكن بكاءه يدل على الحرقة واللوعة والظلم والقهر، إذ يقول جبران خليل جبران: «ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب».


للأسف في مجتمعنا هناك عبارات يسمعها الأطفال الذكور وينشأون عليها، ومنها «لا تصيح.. أنت رجل» و«خلك رجل.. لا تصيح»، ويكبر الأطفال ويصبحون رجالا، ومن ثم يخفون دموعهم ويحبسونها، حتى في أصعب المواقف التي يمرون بها، حيث تربى الولد منذ الصغر على أن البكاء للبنات فقط.

إن عدم بكاء الرجال في العلن أو في الخفاء يعود إلى موروثات قديمة بما يتعلق بالعادات والأعراف. «إن البكاء وحده مسيرة روحية لا ينبغي أن يقطعها الكلام» بحسب محمد حسن علوان.

بكاء الرجل ليس أمرًا شائعًا مثل بكاء المرأة، لذلك تختلف دلالة البكاء عنده عن المرأة، حيث أوضحت الدراسات أن سبب بكاء النساء يفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف، لأنه مرتبط بشكل أساسي بهرمون «البرولاكتين»، أو ما يسمي «هرمون الحليب»، أي أن سبب بكاء المرأة هرموني يحفز الرغبة في البكاء، ولهذا يقال إن البكاء يطيل عمر المرأة، ومن الطبيعي عندما يبكي بعض الرجال، فأعلم أن الهموم فاقت الجبال.

أتساءل: هل صحيح أن دموع المرأة هو سلاحها أو هو جزء من مكياجها؟. لا أتخيل هذا صحيح، وإن حدث، فهو يحدث من بعض النساء اللاتي يرفعن هذا الشعار.

كم هو مؤلم أن يخفي الرجل دموعه بعكس المرأة التي لا تستطيع إخفاءها، وكم هو مؤلم أن نعيب على الرجل الذي يبكي. البكاء يساعد على إخراج الطاقة السلبية والضغط النفسي داخلهم في هيئة بكاء، أفضل من أن يصاب بحالة نفسية.

البكاء قد يكون دليلا على صدق الباكي، وقد لا يكون، وقد ذكر القرآن الكريم قصة إخوة يوسف، عليه السلام، وكيف تباكوا على أخيهم كذبا، حيث قال تعالى { وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}.

للأسف هناك دموع التماسيح التي تحدث من بعض الرجال والنساء.

إنها دموع مصطنعة، وهم يمثلون وكأنهم على خشبة المسرح أو مشهد من مسلسل تليفزيوني.

إذا قسا قلب الإنسان جفت معه دموع المشاعر الإنسانية.