تشير الإحصاءات إلى أن إجمالي الإنفاق على أمن المعلومات وصل إلى 144 مليار دولار في عام واحد، مستحوذا على 8% من إجمالي الإنفاق على الجيوش، ما يعني أن تكلفة أمن المعلومات لن تصبح رفاهية، فربما العدو غير مرئي لكنه موجود، ويقدم المهندس زياد عبد التواب الذي يورد هذه المعلومات في كتابه «صفر واحد مدخل إلى الوعي الرقمي» خلاصة 27 عاما من الخبرة في مجال التحول الرقمي، ساردا وموضحا للقارئ قصة التحول الرقمي ومكوناته، باعتباره المصطلح الذي قلب حياة البشرية رأسا على عقب في السنوات الأخيرة، وغير من أسلوب حياتها جذريا، مرجعا دوافع تأليفه الكتاب إلى حوالي ربع قرن مضت مع بدايات دخول الإنترنت إلى حياة البشر في العالم العربي.

التشريعات المنظمة للفضاء

اختار عبدالتواب الاسم «صفر واحد» لكونها لغة الآلة، مكونة من مجموعة من الصفر والواحد، وهي اللغة الأساسية للحواسب الآلية، مع تزويده بمدخل إلى الوعي الرقمي. وأشار إلى أن كتابه «صفر واحد» مدخل إلى الوعي الرقمي «يستهدف بالأساس العموم، ويتناول رحلة تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي والاتصالات في الماضي بطريقة مبسطة، مع استشراف المستقبل وقدرتنا على التفاعل مع مستجداته». ويقول موضحا «لا يوجد في الكتاب رسم توضيحي واحد، لأنه مجموعة من المقاطع الصغيرة، يتعرض كل مقطع لقضية أو معلومة أو خبر أو رؤية مستقبلية فيما يخص التحول الرقمي وأدواته المختلفة، ومن هذه الأدوات شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة والتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني والتشريعات المنظمة للفضاء الرقمي، ووظائف المستقبل وأنماط الحياة والعمل والتعليم، أيضا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، ودمج كل هذا مع الاقتصاد والتأثيرات السياسية والاجتماعية والفنية والثقافية والنفسية، كل هذا في تداخل يشمل الماضي والحاضر والمستقبل وأيضا النطاق المحلي والإقليمي والدولي».

أهم المؤشرات

لا زالت المفاهيم العامة حول التقنيات الحديثة والتحول الرقمي مشوشة في ذهن معظم الناس، خاصة غير المتخصصين، ويحاول الكتاب مقاربة هذه المفاهيم، بتقديمه شرحا مبسطا حول الأمن السيبراني، والتكنولوجيا المالية، والتحول الرقمي، والثورة الصناعية الرابعة، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات العملاقة، ووظائف المستقبل، وصراع شركات تكنولوجيا المعلومات، والتشريعات الرقمية في العالم.


ويطرح الكتاب تساؤلات لها أهميتها عن: كيف نقيس التحول الرقمي؟ لافتا إلى أنه لنجاح التحول الرقمي على مستوى المؤسسات وعلى مستوى الدول عوامل ومؤشرات عدة، يأتي على رأسها ما هو مرتبط بالمستفيد النهائي الذي يجب أن يوضع في بؤرة العملية، ويتم توجيه كل الجهود لخدمته، المستفيد النهائي قد يكون عميلا لإحدى الشركات، والتي تقدم له سلعا أو خدمات، أو قد يكون المواطن في حالة كان التعامل مع الجهات الحكومية، وعليه فإن أهم هذه المؤشرات ما هو مرتبط بمدى إقبال العميل أو المواطن على تلقي الخدمات بالأسلوب الرقمي، من خلال الأنظمة الفنية، والشبكات المختلفة، مقارنة بالأساليب التقليدية القديمة.

الحروب السيبرانية

يتناول الكتاب الحرب الإلكترونية، مشيرا إلى أنها تختلف عن المفهوم العسكري القديم والمستقر، الذي بدا مرتبطا بوسائل الاتصالات، ربما قبل الحرب العالمية الأولى، وتطور مع الرادارات وأنظمة التحكم والتوجيه الآلية، المقصود هنا هو حروب الشبكات، حروب أنظمة المعلومات، ما يطلق عليه الحروب السيبرانية التي تستهدف الأنظمة الاقتصادية والتجارية بالدولة، وتستهدف البنية الأساسية الحرجة والخدمات العامة، وتسعى وراء الأسرار الفنية والعسكرية وكل ما يندرج تحت عنوان «الأمن القومي». ويؤكد أننا إذا قلنا إن هذا النوع من الحروب هو مستقبل الصراعات، فإننا نؤجل المشكلة ونلقي بها على عاتق جيل قادم، إلا أن حقيقة الأمر أن هذه النوعية من الحروب قد بدأت بالفعل، ما يعني أن الانتباه يجب أن يكون لمدى انتشارها في المستقبل.

مواكبة أدوات العالم الجديد

من المعايير الهامة ما هو مرتبط بالتكلفة المالية للتحول الرقمي، والتي تشمل الموارد البشرية والأجهزة والشبكات والبنية التحتية المستقرة، والأنظمة الفنية، وكذا أيضا أنظمة التأمين ضد الهجمات السيبرانية والاختراقات وأعمال الصيانة الدورية، مقارنة بالعائد المتوقع ـ سواء المباشر أو غير المباشر ـ أحيانا. وبخلاف التكلفة تأتي مؤشرات أخرى مرتبطة بدرجة التحول الرقمي، وهل هو كامل أو هو تحول جزئي، وكذلك وضع خطط واضحة بأهداف قابلة للقياس لإتمام التحول الرقمي المنشود. إن الأمر يحتاج غالبا في قواعد العمل واللوائح الخاصة به إضافة إلى الاحتياج إلى تعديلات تشريعية لمواكبة أدوات العالم الجديد، ومنها على سبيل المثال الدفع غير النقدي والتوقيع الإلكتروني، وغيرها من المفاهيم التي لا تزال تحتاج إلى تشريعات مستحدثة لإعطاء تلك العمليات الشرعية والاستدامة اللازمتين لهذا التحول».

مرتزقة إلكترونيون

يذهب عبدالتواب في كتابه إلى أنه «في مجال الحروب السيبرانية لم تكن الحال كما في الحروب التقليدية، البداية كانت من خلال مجموعات من الهواة ثم المحترفين، بصورة فردية أو على شكل تجمعات صغيرة، حتى وصل الأمر إلى جيوش إلكترونية خاصة، بعضها يعرف ما هو المطلوب ويوجه الآلاف أو الملايين من أجهزة المستخدمين الأبرياء مستغلا إياهم في إحداث النتائج المطلوبة للهجوم الذي يقوم به، وهو ما عرف بـ Botenets. في الويب العميق Web Wark تجد وكلاء وعملاء مهمتهم ترتيب صفقات هجوم إلكتروني، أجر هذه المهام غالبا ما يتم دفعه بواسطة العملات الإلكترونية المشفرة وعادة ما يتم دفع أغلب الأتعاب قبل البدء في الهجوم، إنهم مرتزقة إلكترونيين بجدارة».