يعتبر العقم شبحا خطيرا يهدد الحياة الزوجية، ويمكن أن ينهي مشوار العمر، والعقم مرض عضوي ربما يتفاقم، ويتحول إلى مرض نفسي عند إهماله، وعلى الرغم من تمسك أحد الطرفين سواء الزوج أو الزوجة بالآخر المصاب بالمرض، فهو يؤثر على نفسية المريض ومن حوله.

تقول المتزوجة "ن. س" "أعيش مع زوجي منذ ما يقارب ثماني سنوات، ولم نرزق بأطفال نظرا لإصابته بالعقم، ورغم ذلك لا أفكر في ترك زوجي مهما حدث، ولكن زوجي يفكر كثيرا في هذا الموضوع، مما يؤثر في حياتنا كثيرا"، مشيرة إلى أنهما يحاولان التخلص من هذه المشكلة بمراجعة المستشفيات، والبحث عن حل يحفظ لهما الحياة الزوجية.

ويقول أحد المتزوجين "ع. ف": "أنا متزوج منذ نحو 11 عاما ولم ننجب ولم أفكر في الزواج من أخرى أو حتى الانفصال عن زوجتي، ولكن القلق يصيبنا أحيانا، ويجعلنا نفكر كثيرا، مما يعكر المزاج والإحساس، ويتسبب في عدم الراحة والاستقرار، ومهما تجاهلنا هذا الموضوع يبقى هاجسا مخيفا يهددنا من وقت لآخر".

ومن جانبه أوضح الطبيب النفسي في المستشفى التعليمي بالخبر الدكتور فيصل القرشي أن "الاضطراب النفسي له تأثير هام على مستوى أداء الفرد، سواء على حياته الخاصة، أو تفاعلا مع ما حوله من مجتمع، والمرض الجنسي بطبيعة الحال وخصوصا عند الذكر يلعب دورا هاما على العلاقة الحميمية بين الزوجين، فعدم قدرة الذكر على الإنجاب يسهم في خلق أجواء نفسية شائكة تدفع بنفس الرجل إلى حالات متتالية ودورية من الاكتئاب والعزلة".

وأضاف أن الرجل بطبيعة حاله يهتم بقدرته الجنسية وعطائه أكثر من المرأة، فالوصمة النفسية تكاد تكون ملتصقة بالرجل أكثر منها عند المرأة المصابة بالعقم".

وعن مدى إصابة المتزوجين المصابين بالعقم بالأمراض النفسية قال الدكتور القرشي "نسبة إصابة المتزوجين المصابين بالعقم بالأمراض النفسية عالية جدا، ولكن نظرا لوصمة العار المنتشرة بالمجتمع للمترددين على عيادات الصحة النفسية، فقد تكاد تكون نسبا غير صحيحة لقلة مراجعة المصابين للعيادات النفسية، وأيضا لقلة وجود عيادات نفسية متكاملة منتشرة في جميع أنحاء المنطقة.

وأوضح أن التحدث أهم وسيلة في العلاج النفسي، وقال "على المريض النفسي أن يتحدث إلى شخص مقرب سواء الزوجة أو من خارج إطار العائلة، ولا يكتم مشاعره، حتى لا تتحول هذه الشحنات الكامنة إلى تطبيق عملي يؤثر على صحة الفرد النفسية، ويجب إشغال أوقات الفراغ بما يعود على الفرد بالنفع، ومن ذلك متابعة الهوايات الشخصية كالرسم والتصميم والكتابة والقراءة وغيرها".

وأشار القرشي إلى أن "على المصاب بمرض العقم أن يعلم أن المرض العضوي يؤثر على سلامة الفرد نفسه، أما المرض النفسي فقد يؤثر على سلامة الفرد ومن حوله، لذلك يجب مراعاة مرحلة تطور المرض العضوي إلى مرض نفسي، حتى لا يؤثر ذلك على علاقات الفرد مع ما حوله".

وأضاف أن المرأة تتمسك بالزوج المصاب بمرض العقم أكثر من الرجل، وذلك يعود إلى الجانب العاطفي داخل المرأة وشعورها بالمسؤولية تجاه زوجها المحب، مؤكدا في الوقت نفسه أن التدخل في شؤون الزوجين سواء عن طريق ذويهما أو من المجتمع الخارجي يساهم وبشكل كبير في تفاقم المشكلة للأسف، وأيضا قد يزيد من سوء الحالة النفسية المصاحبة للمرض لدى الزوجين معا.