لم يكن الأمر هينا ولا سهلا، خاصة وأن مكتب الإبداع، ممثلا في مديره هدى بنت محمد صميلي صاحبة فكرة المعرض وصاحبة الجهد الأعظم فيه ولولاها بعد توفيق الله ما كان ليكون، وإن كان فما كان ليخرج كما كان، اتخذت قرارها بأن يكون المعرض مختلفا كليا عما هو متعارف عليه، لتخرج عن التقليدية والتكرارية المملة، وقالت بالحرف الواحد نريد شيئا جديدا يليق بمسمى المكتب، نريد إبداعا يرى ويشاهد ويلمس أثره.
وبدأت العمل ثم أضافت فريقا صغيرا ليساندها وبدأ العمل، في كل يوم كانت تضيف شيئا جديدا، تركز على تفاصيل التفاصيل، وقبل انطلاق المعرض بـ24 ساعة كنت أشاهد موقع المعرض وليس فيه سوى أركان المعرض ومجسماته فقط، صحيح أن هذا العمل كان إبداعا وابتكارا جديدا، لكن ذلك لم يخف مشاعر الخوف من الفشل، كنت أخشى أن يذهب جهدها وفريقها هباء منثورا، انتظرت لدقائق حتى قدمت وآخر ثم بدأت الترتيب ونحن نشاهد وننظر حتى بدأت الأمور تتضح، وحينها فقط فتحت الحجب عن أبصارنا وعقولنا، وبدأنا بالتفاعل الممزوج بالتفاؤل والرغبة في النجاح.
بقينا في ذاك اليوم إلى قرابة العاشرة مساء، بعد توافد معظم فريق العمل للمشاركة في الترتيبات وفهم الأدوار، وفي صباح اليوم الموعود أكملنا ما بقي من النواقص واتخذ كل شخص موقعه، وكان المحزن في ذلك اليوم أن إحدى موظفات مكتب الإبداع تعرضت لوعكة صحية جعلتها تراجع المستشفى بعد خروجها من مقر المعرض بعد إنهاء الترتيبات في الليلة السابقة، ما حال دون حضورها لحظة انطلاق المعرض الذي كانت تعمل لأجله كثيرا حتى قبيل الفجر لأكثر من مرة، ثم جاءت لحظة البدء بتشريف مدير عام صحة جازان عبدالرحمن بن دبي الحربي لمقر المعرض ليتجول في أرجائه، ويطلع على محتوياته التي اشتملت على عدد من الأركان مثل: ركن التفكير السريع، والتفكير المنطقي، والتفكير الجانبي، والتفكير البصري، والتفكير الإبداعي، وركن التفكير التكتيكي، والتي تم إخراجها بشكل إبداعي غير مألوف، كما اشتمل المعرض على عدد من الألعاب المختلفة مثل لعبة سودوكو، ولعبة الشطرنج، ولعبة المتاهة والتوازن، ولعبة إكس أو، ولعبة الحلقات التي تنمي التفكير والمهارات العقلية بطريقة مرحة وجذابة.
لقد كانت إشادة مدير عام صحة جازان بعد ختام جولته بالمعرض بالجهود العظيمة التي وقفت خلف نجاح هذا المعرض دافعا قويا لكافة فريق العمل للمضي قدما في سبيل النجاح والتميز والإبداع، كما كان تفاعل سعادته ومشاركته في التحدي واللعب دليلا على نجاح المعرض بأفكاره الجديدة في جذب الأنظار ولفت الانتباه، وتلك هي غايتنا.
أما اليوم الأخير فقد كان قصة مختلفة، إذ تم تخصيصه لأطفال منسوبي صحة جازان، لقد كان اصطحاب الموظفين والموظفات لأطفالهم شيئا جميلا، لقد وفقنا في أن نجمع بين العمل والمرح، كانت سعادة الأطفال لا توصف، وفرحة آبائهم وأمهاتهم لا حد لها، أما القائمون على المعرض فقد كانوا في غاية السعادة والامتنان لربهم أن وفقهم لهذا النجاح العظيم، وكثيرا ما اغرورقت عيونهم بدموع الفرح. وحين ضج مبنى صحة جازان بأصوات الأطفال البريئة اللطيفة وهم يرددون شكرا صحة جازان.. شكرا صحة جازان، خرج معظم الموظفين من مكاتبهم ليشهدوا لحظات الفرح والسعادة وليستكشفوا سر تلك الهتافات النقية الجميلة.
نجح مكتب الإبداع وأمتع وأبدع، وصنع حدثا فريدا مميزا لن ينسى وأصبح المأمول منه أكثر مما كان، وأصبحت التحديات أكبر، وأظننا في مكتب الإبداع مع أبطال الإبداع وسفراء الإبداع، وبقيادة مدير المكتب المبدعة هدى، قادرون على صناعة النجاح وتجاوز التحديات بإذن الله وتوفيقه.
وفي النهاية حين تعمل من أجل العمل فقط، وتخلص النية لله سبحانه وتعالى فستنجح مهما كاد الكائدون ولن يضيع الله جهد المجتهدين، ولن نتوقف عند هذا الحد، بإذن الله، بل سنحاول أن نصنع في كل مرة بصمة وأثرا يبقى.