في عيادتي سألتني الأم عن فيتامين يزيد ذكاء رضيعها! فأخذت أقيم فرص هذا الطفل ليكون ذكيًا، لم أجد شيئًا من الممكن أن يعيق تنامي ذكاء هذا الرضيع سوى معتقدات والديه.

هل بالفعل تعتقد أن هناك فيتامينًا يزيد الذكاء أو ربما لعبة ذكية تجعل الطفل أكثر ذكاء! أو تظنّ أن حليبًا صناعيًا مدعمًا يستطيع أن يزيد مدارك طفلك؟ هذه إستراتيجية تسويقية بحتة ينقصها الكثير من المصداقية.

للذكاء جينٌ يحمله بمقدار 50%وبيئة تصنعه بمقدار مساوٍ، الذكاء الموروث هو نتيجة للتفاعلات المعقدة بين العديد من الجينات، من المهم معرفة أن علم الوراثة والبيئة يتفاعلان لتحديد كيفية التعبير عن الجينات الموروثة بالضبط، على سبيل المثال، إذا كان الوالدان طويلي القامة، فمن المرجح أن الابن سوف ينمو ليكون طويل القامة، ومع ذلك، فإن الطول الدقيق الذي يصل إليه الابن يتأثر بعوامل بيئية مثل التغذية والمرض، كذلك تؤثر عوامل بيولوجية أخرى على الذكاء مثل سن الأم، والتعرض أثناء الحمل للمواد الضارة أو سوء تغذية الأم الحامل.


الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية لمدة 12 شهرًا أو أكثر لديهم معدل ذكاء أعلى بحوالي 3.7 نقاط، وكذلك وجدت الدراسات أن الطفل الأول عادة يكون أكثر ذكاءً من إخوته على الرغم من أنهم يتشاركون نفس الجينات، وهذا لأن المولود الأول غالبًا يتلقى كثيرًا من الاهتمام من قبل الوالدين. وتشير الأبحاث أيضًا إلى أن الآباء يتوقعون أن يكون أداء الطفل الأكبر سنًا أفضل، في حين يتوقعون الأقل من الأشقاء الأصغر سنًا. بعيدًا عن الذكاء الجيني الذي يرثه الطفل، فإن التغذية الجيدة والحماية من السموم، والكثير من اللعب الحر وممارسة الرياضة، يمكن أن تغذي ذكاء الطفل، ولكن هل يمكننا حقا بناء طفل أذكى؟.

منذ الولادة حتى سن الرابعة، ينمو دماغ الطفل بشكل سريع، يصل دماغ الطفل إلى 90%من حجمه خلال هذه الفترة وتُعتبر هذه الفترة فرصة مثالية للتعلم، ولكن الدماغ لا يتوقف عن النمو عند سن الرابعة بل يستمر الدماغ الصغير في التنظيم وإعادة الهيكلة طوال مرحلة الطفولة ويظل الإنسان يتعلم طوال عمره، يعتقد العديد من الآباء أنه إذا تعلم أطفالهم بسرعة في وقت مبكر، فإنهم سيظلون أكثر ذكاء، ولكن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل حينما نعلمهم وفق قدراتهم ومرحلتهم العمرية، لا حاجة أن نبحث عن فيتامين محفز للذكاء ولا داعي أن نغرق الطفل بالألعاب والأجهزة الذكية، الأجهزة الذكية لن تصنع طفلًا ذكيًا بل هي ذكية بالنيابة عنه، والألعاب لا تتطلبُ مالًا، تكفي فكرة اللعبة والمشاركة، كل لعبة تحفز على التفكير هي لعبة مفيدة، أتذكر لعبة إنسان، نبات، جماد، بلاد، عرّفتنا على كل الأسماء الممكنة مع سرعة البديهة رغم بساطتها، جلسات الفوازير والحكايات كانت ملهمة، في الواقع الأجهزة والألعاب الذكية أصبحت عائقًا للذكاء، البلاء في الاعتقاد أن هناك فيتامينًا أو لعبة تزيد الذكاء والاتكال على ذلك، بينما صنع الذكاء يتلخص في جين ربما لا نستطيع منحه وبيئة تربوية نستطيع صنعها بأبسط صورة، لا تترك طفلك مع لعبة أو جهاز ليتعلم منها بل كن أنت من يتعلم منه، فالأبحاث تقول إن صغار الأطفال يتعلمون من خلال الاستماع إلى ذويهم والتفاعل معهم أكثر من أي شيء آخر.