ما سيحدث في مجتمعنا من تحول فكري هو نتاج توجه الدولة بسياستها الداخلية للوسطية، وقد يحسبه البعض ابتعادا عن الفكر السلفي، وهذا غير صحيح فالنظام السياسي والقانوني والتعليمي يتبع الكتاب والسنة. إعطاء المذاهب والأفكار الأخرى حريتها واندماجها بالمجتمع، وانفتاح الجميع على بعض، والتعايش بفكر وطن وشعب واحد، هي الوسطية.

الوطن للجميع فلا مجال للاختلاف بين الأفكار في ظل التغير والتحول الذي يحدث في مملكتنا، ولا مجال لنشر فكر معين على حساب فكر آخر.

لا يأتي تطور بلد وشعب وهم يتناحرون بينهم، كلنا مواطنون نتميز بيننا بالإخلاص والولاء لولاة الأمر وحب الوطن. عاداتك.. أفكارك.. مذهبك، هي أمور تخصك لا ينازعك عليها ولا يضايقك فيها أحد شرط (ألا تفرضها أو تؤذي بها غيرك).


بالتطوير العلمي والتعليمي لا يوجد عذر فالكل يعلم ويعرف أين الأفضل والأصح، ولكن الناس تبحث عن الأنفع لها، وهي ستحاسب على ذلك، لست بمسؤول عنهم.

مدنية المجتمع ليست (فكرا تغريبيا)، فيوجد لدينا نموذج قديم جداً، وهو مدينة الجبيل، فالشركات الصناعية التي فيها من الهيئة الملكية إلى أصغر الشركات هناك، هي مدينة عملية يتعامل موظفوها فيما بينهم على أساس الكفاءة والشغف والإخلاص في العمل، دون الالتفات إلى ما ينتمي إليه الموظف من أفكار ومذهبية، فالتعايش مع بعضنا على هذا الأساس هو الأمثل.

من الطبيعي أن يختلف معي كثير، ومن المتوقع ولن أقول الأكيد أن من يختلف معي هو نفسه يطبقه. فالكل تعامل مع أشخاص غير مسلمين، إما داخل المملكة أو خارجها تجده يتعامل معهم باحترام بل يحسن التعامل معهم أيضاً، وهم من ديانات أخرى.

فمن الأولى ونحن كلنا مسلمون موحدون، وأبناء بلد واحد ألا نختلف بيننا، وأن نتعامل مع بعضنا بحسن نية ومن غير عنصرية. سنون والحروب توجه إلينا من كل اتجاه وبكل الطرق وبجميع الأفكار الحربية من عسكرية وثقافية واقتصادية ونفسية ولله الحمد والمنة، لم يستطيعوا بعد فضل الله علينا وبحكمة قادتنا وتكاتف الشعب، التأثير فينا.

فالحرب الجديدة علينا زرع الفتنة داخلياً، وأبوابها العنصرية الفكرية والمذهبية، بل حتى المناطقية والقبلية. بقبولنا لبعضنا أشخاصا.. أفكارا.. مذاهب وأننا أبناء وطن واحد، لن يجدوا مجالا للدخول بيننا وإضعافنا، فالوطن للجميع.