إن قيمة الوطن وشرف الانتماء إليه تتجذر وتكبر عند إحساس المواطن الذي ينتمي لهذا الوطن بالحب له ويفخر بالانتماء إليه، ذلك الإحساس الذي يعتمد على الوعي والإدراك بأن الوطن كالأم التي تحمل بأبنائها ثم تلدهم ثم ترضعهم وتربيهم وتبقى أما لهم ترعاهم وتدافع عنهم مدى الحياة، وهكذا الوطن مثل الأم لأبنائها.
إن حب الوطن والانتماء إليه لا يتحقق ببطاقة هوية أو جواز سفر، وإنما يتحقق بالانتماء الصادق للأرض والشعب واللغة والدين والعادات والتقاليد والمبادئ والقيم التي يتصف بها هذا الشعب، إنه انتماء لتاريخ الأمة وتراثها وافتخار بمسيرتها عبر التاريخ.
هناك شعوب تنكرت لحضارتها ومبادئها وقيمها وعاداتها وتاريخها واستوردت ثقافةً ونهجاً وعادات جديدة من الغرب أو الشرق فكانت كالغراب الذي أضاع طريقة سيره، ولم يستطع أن يقلد طريقة سير الحمامه التي أعجب بها.
عندما تتشبع فنون إبداع الإنسان السعودي في كل المجالات بموروثها الثقافي وتاريخ حضارتها فإن ذلك سيؤدي إلى تأكيد انتمائه الجيني إلى سلالة الصحابة الذين عاشوا على هذه الأرض في زمن خير البشر نبينا العظيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
إن إنجازات آبائك وأجدادك أيها المواطن السعودي لن تقف عندك أنت لأنك ستواصل المسيرة وتتوج اسم وطنك المملكة العربية السعودية بنجاحات أخرى، وسيواصل المسيرة جيل الأبناء والأحفاد حتى يتحقق المراد.
إن حبك أيها المواطن السعودي لوطنك يجب ألا يترجم بالإعلان عن ذلك بيوم واحد فقط، بل إنه يترجم بأعمالك وإخلاصك وحفاظك على هذا الوطن الذي يجعلك تحس وتشعر بحب الطبيب الوطني المخلص في معالجة مرضاه، ويشعرك بحب المعلم الذي يجتهد لإيصال معلومات لطلابه، وبحب المهندس الذي لا يكل ولا يمل من تخطيط وتنفيذ تعمير الوطن وحب القيادة التي تخطط لنهضة الوطن الصناعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية وقوته العسكرية.
إن حب الإنسان لوطنه وبناء نهضته كحب وكفاح الأم والأب لأسرتهما وبنائها لتكون قوية في تطلعاتها وسلوكها وأدائها وتعليمها، وبهذا تُكَوِّنْ هذه الأسرة مع ملايين الأسر اللَّبِنَاتْ الأولى في تكوين صروح الإنجاز على دروب التقدم والرقي مستمدة وقود مسيرتها من تراثها الحضاري وقيمه ومبادئه.
إن فخر الانتماء للوطن يفرض على كل مواطن أن يترجم ذلك إلى الإتقان في عمله و عطائه في كل يوم يعيش فيه فوق تراب وطنه الذي يتنفس هواءه ويأكل زاده ويشرب من مائه.
نحن كسعوديين أعضاء في جسد هذا الوطن الشامخ نتصف بالمحبة والتعاطف والتعاضد عملاً بحديث الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). ومن هنا وجب على كل فرد من أفراد مجتمعنا السعودي أن يسعى لتقديم الأفضل له بما يتماشى مع رؤية الوطن وقيادته في ظل الثوابت ولن نكون غير شعب مبدع وخلاق لأنه قد جمع بين أصالة الماضي وتفاؤل وتَحَضُرْ المستقبل.
في يوم الوطن وفي كل عام من أعوام مملكتنا العزيزة ستولد إنجازات عظيمة نحققها جيلاً بعد جيل.