سنتحدث عن أيام الفرح والنشوة المرتبطة دائما بمعاني الفخر والاعتزاز، وما تستذكره الشعوب والأوطان كافة هي لحظات الانتصار والقوة كتحرير الدول من المحتل، وتوحيد الدول تحت راية واحدة.
وفي هذه الأيام، نستشعر تلك المناسبة العظيمة على وطننا المملكة العربية السعودية، وهي الاحتفال بمرور 91 عاما على توحيدها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، طيَّب الله ثراه، وفي هذا اليوم يتغنى الشعراء وأصحاب الأقلام بالمديح، ويتسابق الشعب إلى التهاني والتبريكات، مُستذكِرين تاريخهم المجيد.
إنها قصة توحيد المملكة، قصة تُروى عبر الأجيال، فيصعب حصرها في هذا المقال، ولكن حتى نعرف قيمة اتحاد مناطق المملكة تحت راية واحدة لا بد أن نَستذكِر كيف كان الوضع العام في المملكة قبل نحو قرن من الزمان، حيث كانت عبارة عن مدن ومناطق منفصلة، تحكمها سلطة القبيلة، ولم يكن هناك أي نظام سياسي يجمع تلك المناطق، وكان الأمن متعسِّرًا، خصوصا مع انتشار قطاع الطرق (الحنشل)، بالإضافة إلى أن غالبية المجتمع كانوا يعيشون في وضع اقتصادي سيئ،
ولم تسلم تلك المناطق من الحروب بين القبائل. بالإضافة إلى تلك الظروف، فقد كانت الأمية منتشرة بين أوساط السكان، ولم يكن هناك العدد الكافي من المدارس ومنشآت التعليم التي تسع كل المجتمع، وهذا عائد لقلة الموارد الاقتصادية للبلاد. وبشكل عام، كانت الحاجة مُلحَّة والظروف مهيَّأة للتغيير. في تلك الظروف، ظهر صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز، ممتطيا جواده الأشمَ، مُستعينا بالله، عابرا الجزيرة العربية بفيافيها وقفارها. هذه الجزيرة التي كانت مستعصية على كل عدو خارجي لم تكن كذلك مع عبدالعزيز، حيث انقادت له البلاد مدينة تلو مدينة، وقرية تلو الأخرى، ورافقه في تلك الرحلة رجاله المخلصون، حيث كانوا خير معين له في المعارك، وخير سندٍ له في المُلِمَّات، فتحققت الانتصارات، وتوالت التبشيرات. وبعد سنوات وسنوات، وتحديدا في الثالث والعشرين من سبتمبر 1932، تم إعلان توحيد بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية، ومنذ ذلك التاريخ انطلقت سهام التغيير والتطوير باتجاه التعليم، وغيره من روافد الحضارة والتقدم، فحدث التطور الاقتصادي الهائل في كل مناحي الحياة، ولا نزال نعيش من تقدم إلى تقدم حتى عصرنا الحالي.