وطن اهتز أمامه عظماء، وقصر دونه أنذال وشرفاء...
إنها السعودية وما أدراك ما السعودية.. عندما يكون الحديث عنها فهنا يختلف الأمر كلياً...
إنه حديث عن بلاد الحرمين الشريفين حيث قبلة المسلمين، وأطهر بقاع الأرض إنها السعودية، والحديث وحده عنها هنا شرف ومسؤولية، لذا عندما قيل لي اكتب عن الوطن، ترددت كثيراً خشية أن يقصر حرفي أو يجف قلمي، ولا ألومه هنا فهو في حضرة السعودية العظمى!
الوطن وحده كاسم عز ومهابة، فكيف إن كان المقصود به قبلة المسلمين، حيث أرض الحرمين ألا يختلف هنا الأمر ويتقازم الحرف؟!
يرد محمود درويش في سؤال له عن الوطن فيقول:
الوطن ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي..
إنه حياتك وقضيتك معا.
من الطبيعي جداً ألا تجد أحداً إلا ويحب وطنه، إلا من كان ناقصَ عقلٍ ودين، وخلاف ذلك فهو عقوق يصب في مصب الجحود، لا خير منه ولا مردودٌ محمود.
إن الكل تقريبا يعشق وطنه ويحبه لحد الجنون، ويُظهر في ذلك ملاحم وفنون، إذ كيف لا نعشقه ونتغنى به وعلى أرضه نشأنا وترعرعنا، ولكن السؤال هنا كيف تعشق وطنك وكيف تبرز ذلك الشعور؟.
لا أعتقد أن هناك مناسبة من الممكن أن نحتفي فيها بالوطن، ونظهر ما لدينا للوطن كيوم الوطن على أقل تقدير من باب التذكير، لذلك وجد الجميع تقريبا في اليوم الوطني ميداناً، لنعبر فيه عن مدى الفخر والانتماء والحب، والولاء لهذا الوطن المعطاء، وأيضا من باب التذكير والتحفيز وإلا فالوطن في قلوبنا، ولا أحد يرضى أو يقبل المساومة في محبة الوطن.
لقد أصبح اليوم الوطني عيدا ومناسبة، تتجدد كل عام وننتظرها بشغف، لنترجم حبنا وتقديرنا وامتناننا لله، ثم لهذا الوطن ولقيادتنا الحكيمة.
إن هذا اليوم الوطني الذي ننتظره كل عام ليس مجرد شعار، أو كرنفال للفت الأنظار ولا مجرد رقصٌ على أوتار، أو تمايل مع مزمار، فوطننا أعز وأرقى وأبقى، وعلينا نحن أيضاً أن نرقى بيومنا الوطني لمستوى هذا الوطن، فهناك من يشاركنا ويقاسمنا ذلك الشعور والحب والتقدير، كونه قبلة المسلمين، ولهذا وسواه كان حقاً علينا أن نعي وندرك ذلك، لنقف سدا منيعا وحصنا متيناً ضد المتربصين، وكل العابثين والحاقدين.
ولكي نسمو كسمو هذا الوطن، علينا أن نتعلم كيف نرتقي بتصرفاتنا وسلوكياتنا، خصوصاً في كل ما يُصدر باسم الوطن، ولأن اليوم الوطني ميدان ومضمار يفتح كل عام، لتُقدم فيه العروض احتفالاً بالوطن، كان من المفترض أن نكون أشد اهتماماً وحرصا على جودة المخرجات.
نعم ففي اليوم الوطني يفترض أن نعكس الأفضل والأجمل، ونحمد الله فيه أكثر وأكثر، وليس كما كنا نرى ونشاهد، ولهذا فإننا نذكر ونكرر ونردد أن الرقص والتفحيط والتخريب، لا يمثل شيئا من ذلك، ولا يعكس الصورة التي تليق بهذا الوطن، بل يتنافى كلياً مع سمو هذا الوطن، لذلك علينا أن نروض سلوكياتنا وسلوكيات من نعول أو نطول، لنشاركهم الفرحة نعم ولكن وفق ما لدينا من قيم وثوابت وأخلاق.
دعونا في هذه المناسبة المميزة نرتقي في إظهار مشاعر الفرح والاحتفال، دون المساس بالأنظمة أو التشويه و التخريب لمقدّرات الوطن ومكتسباته، ولنحتفل بما يمكن من قدر ولكن دون مبالغة أو هدر.
إن وطننا راق وعزيز، وتصرفات كتلك لا ترضي الله ولا تقبلها قيادتنا، ولا تناسب سمو الوطن في يوم الوطن.
رقص.. تفحيط.. تكسير.. شخبطة.. وأي تشويه أو تخريب في يوم الوطن، عبث لا يقره عقل ولا دين، ولا أحسب أن عاقلاً يبرر مثل ذلك، أو يصنفه تحت أي بند من بنود الاحتفاء أو الشكر أو الولاء للوطن.
في هذا العام لنتدارك ما كان، ونتلافى أي عبث أو تقصير وأي تصرف لا مسؤول.
دعونا نرتقي في إظهار مشاعر الفرح والاحتفال، دون المساس بالأنظمة أو التشويه و التخريب لمقدّرات الوطن ومكتسباته.
لنحتفل بما يمكن من قدر ولكن دون مبالغة أو هدر.