«المحل مغلق لعدم التفرغ».
«المحل للتقبيل بسبب الابتعاث».
والتقبيل يعني في العرف المحلي «للتنازل أو البيع».
تلك عبارات ازدحمت بها أبواب وواجهات محلات المشاريع الفردية، فما أن تمضي فترة لا تكاد تذكر على انطلاق مشروع ما، حتى يفاجئك القائمون عليه بوضع تلك العبارة على المنشأة، ويعلن صاحب المشروع فشله الذي يعود إلى أسباب عدة، منها إهمال دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع أو غيابها، وعدم إلمام كثير من أصحاب العمل بالقوانين والتعليمات الخاصة بممارسة الأعمال.
وحذر اقتصاديون من تكاثر تلك العبارات التي تدل على أن المشروع ولد في الغالب بالصدفة دونما تخطيط مسبق.
خوف من الفشل
تقول الباحثة في مجال الإعلام الاقتصادي، عضوة جمعية الاقتصاد السعودية الدكتورة تهاني الباحسين إن «كثيرًا من المشاريع الفردية التي لا يكتب لها النجاح توضع عبارة للتقبيل، وتلك المفردة الاقتصادية تخفي خلفها أسباب لا يستطيع صاحب المشروع الإفصاح عنها، إما لخوفه من إعلان فشل المشروع، أو لعدم قدرته على الاستمرار به».
وتابعت «من الظواهر الاقتصادية الجديرة برؤيتها وملاحظاتها من الجهات ذات الاختصاص للتوعية وكذلك الأفراد المتوجهين للمنشآت الصغيرة القيام بدراسة السوق ومدى احتياجاته لتفادي أي خسائر مالية تقود صاحبها إلى كتابة لوحة للتقبيل المتضمنة في بعض الأحيان أن المحل سيغلق للفشل».
ونصحت الأفراد الآملين في الربح النظر إلى جميع الجوانب ودراسة جدوى مشروعهم الذي يتوقعون منه الربح السريع، ناهيك عن عدم الاستناد أو الأخذ والتأثر بآراء الآخرين ممن لم يخوضوا التجربة.
تقديم مزايا محفزة
أشار الجبيري إلى أهمية تقديم مزايا محفزة للجوانب التمويلية من البنوك التجارية وصقل خبرات الشباب بمهارات كافية مسبقة قبل فتح أي مشروع خاص مع أهمية تطبيق معايير الجودة والحوكمة واستخدام التقنية والتسويق الفعال وكسب عملاء جدد وتوفير حزم واسعة من خدمات ما بعد البيع، إضافة إلى قياس مستمر للتغذية الراجعة ومعالجة القصور والسلبيات بشكل متواصل.
أهميتها في بناء اقتصاد الدول
في المقابل، قال المهندس خالد الغامدي خبير سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية إن «المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل أهمية كبرى في بناء اقتصاد الدول نظرًا لأهميتها الكبرى في خلق مراحل سلاسل الإمداد للصناعات المختلفة حيث كل منتج يعتمد على سلاسل إمداد متسلسلة ومتنوعة لتكوين وتصنيع المنتج في النهاية».
وتابع «لذا تعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة القلب النابض لصناعات الشركات الكبرى لأنها تعد سلاسل التوريد لهذه الشركات، كما تسهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي للدول باكثر من 50 % وبعض الدول وصل إلى 80 % نظرًا لأهميتها في تشكيل وتنوع الاقتصاد لأي دولة».
رفع مساهمة المنشآت
ذكر الغامدي أنه ومن خلال رؤية السعودية 2030 يوجد هدف لرفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 35 % بنهاية عام 2030 في ظل أن مساهمتها قبل انطلاق الرؤية كانت تقف فقط عند حدود الـ20 %.
واستطرد «لضمان تحقيق نمو وتوسع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الوطني يلزمنا تشجيع المنشآت الجديدة والمحافظة على الحالية من خلال إيجاد الحلول للتحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة».
التحديات
بسؤاله عن أهم التحديات التي تواجه تلك المنشآت، قال الغامدي «من أهمها غياب ومحدودية التمويل المالي للشباب ورواد الأعمال، أيضًا التستر التجاري الذي أوجد تحالفات من عمالة غير سعودية تدير السوق وتضع العوائق أمام الشاب السعودي، ومن العوائق والتحديات المهمة أن غالبية مفاصل سلاسل الإمداد لبعض الصناعات يقف ورائها غير السعوديين من خلال التستر التجاري، كما أن ضعف تأهيل ومعرفة أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة بإدارة الأعمال التجارية والصناعية والخدمية تعد من أكبر التحديات التي يجب تلافيها لضمان نجاح المنشآت الصغيرة والمتوسطة واستمرارية أعمالها، كذلك التسويق يعد تحديًّا يواجه المنشآت في كيفية تسويق منتجاتها وخدماتها بالشكل المهني الأمثل».
تضييق الخناق
في السياق ذاته، قال المحلل الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري إن «ظاهرة تقبيل المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعود إلى تضييق الخناق على تلك المشاريع من خلال مكافحة التستر التجاري، حيث يلجأ أصحابها إلى التقبيل»، مشددًا على حرص وزارة التجارة على مكافحة التستر التجاري وأساليبه المختلفة، حيث نلمس ذلك في جهودها الحثيثة نحو ذلك.
وتابع «هناك أيضًا عوامل ثانوية أخرى، منها تقليد المحلات بعضها بعضًا، فنجد كثيرًا منها تمارس نفس النشاط في مواقع متقاربة مما يقلل من فرص النجاح، ولذلك من الأهمية بمكان أن يكون التأسيس للمشاريع من خلال دراسات الجدوى وقياس حجم الطلب والابتكار والتجديد في أدوات الإنتاج والتسويق والكفاءة التشغيلية».
11 تحديا تواجهها المشاريع الصغيرة والمتوسطة
01 نقص التمويلات الموجهة من البنوك التجارية
02 ضعف رؤوس أموال المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يديرها المواطنون.
03 قلة خبرة صاحب المشروع وعدم تفرغه من عمله الوظيفي.
04 غياب الحوكمة عن مشاريع المواطنين
05 صعوبة الحصول على العمالة المؤهلة والمدربة والأمينة.
06 بيئة السوق التنافسية القوية.
07 افتقار المشاريع المواطنة لمعلومات تفصيلية ودقيقة عن المشاريع المنافسة.
08 قلة الدعم الذي تواجهه في السوق المحلية أو الأسواق الدولية.
09 التغير المستمر في السياسات والإجراءات والاشتراطات الحكومية وغيرها.
10 تعدد جهات إصدار التراخيص التي تتعامل معها المشاريع الصغيرة.
11 ارتفاع رسوم عدد من الجهات الخدمية وعدم مراعاتها أوضاع مشاريع المواطنين.