لا يمكن لعاقل أن يصدق أن دولة تحكمها ميليشيا إيرانية يمكن أن تصبح في مصاف الدول المتقدمة، والدليل ما شهدناه في العراق منذ 2003، وما نراه في اليمن وسورية، وحتى غزة.

اجتياح الميليشيات الإيرانية العراق واليمن، وتدخل إيران المباشر بهما، حوّلهما إلى دول ومناطق خاضعة، ينتشر فيها الجهل والفقر والدمار، مما يؤكد نظرية نؤمن بها جميعا، وهي أن إيران لم تدخل دولة إلا وكانت سببا في خرابها.

إن ما يعطينا أملا في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها لبنان هو الدور الأمريكي الواضح في مواجهة المشروع الإيراني، وتحجيم ميليشياته من لبنان إلى سورية، فالولايات المتحدة الأمريكية لن تجلس على طاولة المفاوضات إن لم تكن قضية الميليشيات والصواريخ أبرز بنود المفاوضات، وهذا ما ترفضه إيران حتى هذه اللحظة، لأن النظام هناك يعتبر مثل هذه الخطوة ضربة قاضية لكل جهوده في السنوات العشرين الأخيرة.


باختصار شديد، يمكن لمن يتابع الأحداث أن يعرف، وبشكل بسيط، الفرق بين دور إيران ودور السعودية في المنطقة العربية، وما نتج عن الدعم الإيراني للميليشيات، وما نتج عن دعم السعودية للدول، وكيف أن الدعم الإيراني للميليشيات تسبب في تدمير دول مثل سورية واليمن والعراق، بينما استطاع الدعم السعودي للدول إعادة السلام إلى لبنان عبر «اتفاق الطائف»، وإعادة الإعمار والاستثمار، وتمويل المؤسسات الرسمية ودعمها، والتعاون معها.

فهل يمكن للمتابع العربي أن يجد دولة واحدة أو منطقة أو حتى شارع دعمته إيران وازدهر؟!. بالطبع لن تجدوا، فمن لا يستطيع تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة لشعبه، لن يؤمنها لمرتزقته هنا وهناك. بينما وسط بيروت، والمؤسسات الرسمية اللبنانية، ومطار الشهيد رفيق الحريري، والمستشفيات والبلدات اللبنانية، شاهدة على الخير السعودي الذي غمرها وأعاد لها الحياة، إلى أن أوصلتها ميليشيا «حزب الله» إلى الخراب مجددا، وتحوّل الانحدار نحو الهاوية إلى سقوط حر، حرم الشعب من أبسط مقومات الحياة، فلا دواء متوافر، ولا محروقات ولا خبز ولا ماء ولا كهرباء، والليرة اللبنانية أصبحت بلا قيمة أمام الدولار. كل ذلك بسبب المنظومة السياسية الفاسدة بكل أطيافها، من اليمين إلى الوسط واليسار.

اليوم أكثر من أي وقت مضى، نفتقد الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قرّب السعودية من لبنان، وقربنا كلبنانيين من السعودية.