الإنسان لا يعيش في الحياة بمفرده، وكما أن لكل إنسان مشاكلة الخاصة به، فإنه أحيانًا يقع في مشاكل مع الآخرين، وهذه طبيعة البشر منذ خلق الله الناس. ومشاكل الناس تقع تحت المشاكل العائلية، والنفسية، والاجتماعية، والعاطفية، والزوجية وفروعها الأخرى. وإن تفاعل الشخص مع المشكلة هي لب الموضوع، فكل شخص يتفاعل مع المشاكل بطريقة مختلفة عما يقوم به شخص آخر، وعليه المواجهة في حل المشاكل، بدون مواجهة المشكلة تبقى المشكلة كما هي، ربما مع مرور الأيام تنحرف عن مسارها، وتكبر فجوة المشكلة، ويصعب حلها.
هناك من أعرفه شخصيا يتعامل مع أبنائه بالعنف والصراخ ظانًا أن هذا أسلوب حضاري في حل المشاكل، متناسيا أن هذا حل للمشكلة بالسلطة والتخويف، أما المشكلة لمْ تحل تحت الرماد. ليس عيبًا عند من لا يستطيع أن يحل مشاكله أن يطلب المساعدة من الأطباء النفسيين، وهناك الاختصاصيون الارشاديون الاجتماعيون والنفسيون وعلماء الدين، فهم متخصصون في حل المشاكل. إن حل المشاكل بين الناس ليس سهلًا، فلا بد على المصلح أن يمتلك مهارات تخوّله هذه المهمة منها قبول الطرفين، الحكمة والشفافية والعدالة ومخافة الله. قَوْله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذَرِينَ فَمَنْ آمنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} الآية (48) سورة الأنعام. للأسف هناك من يتلذذ في تضخيم المشاكل والتهرب من حلها مؤلمًا بذلك الطرف الآخر المتضرر، يا له من ظلمْ متعمد ناسيًّا أن الظلم ظُلمات. عن جابر أن رسول الله ــ صلى عليه وسلم ــ قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم).
أقتبس: «رب نزهة قصيرة مع عائلتك، تحل لك كثيرًا من المشكلات» (مصطفى السباعي) بالتفاهم والنوايا الحسنة تحل المشاكل، وستختفي بين الناس، إذا عرف كل إنسان حدوده وحقوقه وواجباته. وكم هو جميل أنْ تقلل مراكز الشرطة والمحاكم حين يعرف الإنسان ما له وما عليه ويؤديه برحابة صدر، إنه حلم أتمنى أن يتحقق. لما لا يتحقق إذا عاد الناس إلى كتاب الله وحكموا عقولهم وقلوبهم. يقول الإمام الغزالي: «الخصومة توغر الصدر، وتهيج الغضب، وإذا هاج نسي المتنازع فيه، وبقي الحقد بين المتخاصمين» ثم يستشهد بالحديث الشريف «الكلمة الطيبة صدقة»... وقول «عمر» رضى الله عنه: «البر شيء هين.. وجه طلق، وكلام لين»، وقول بعض الحكماء: «الكلام اللين يغسل الضغائن المستكينة في الجوارح».
أخيرًا، من لدية مشكلة عليه حلها، ومن لديه مشكلة يستشير، فالحلول معروفة، لكن البعض يتجاهل، والتجاهل طريق البشر العاشقين للمشاكل.
أقتبس: «المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ»(ألبيرت أينشتاين)