كان موعد الإقلاع للرحلة 1741 المتجهة من بيشة إلى جدة في الرابع من سبتمبر الماضي هو الساعة 10:05 مساءً.

حرصت على الذهاب باكرًا إلى المطار، خلصت إجراءات السفر ودخلت صالة الانتظار لحين المغادرة. كانت الصالة حينها مكتظة بالمسافرين ويخيم الهدوء والتباعد في المقاعد بسبب كورونا على الجميع. اتضح أن سبب زيادة العدد في الصالة هو تأخر رحلة بيشة-الرياض وتواجدهم مع ركاب رحلة بيشة-جدة.

تم النداء لرحلة بيشة-جدة، ركب حينها المسافرون الباصات المتتالية للصعود للطائرة، كنت حين ذاك مشغولاً بمكالمتين مهمتين واحدة من بيشة عبر الاتصال والأخرى من جدة عبر الواتساب (هذا لا يبرر تقصيري ولكن قدر الله وما شاء فعل) ولوجود ركاب رحلة الرياض وعدم قيامهم من مقاعدهم جلست معهم ولم أشعر بنفسي إلا والبوابة قد أغلقت، سارعت للحاق قالوا لا مجال، اتصلوا بكابتن الطائرة رفض رفضًا تامًا حسب كلام موظف الخطوط الذي حينها لم يحاول تهدئتي وقد كنت متأثرًا (كانت صدمة مؤلمة ودرسًا أستحقه وعليّ أن أستفيد منه) كان الوقت حينها يسير بأسرع وتيرة يمكن أن أسميها سباق الزمن. نظرت إلى الطائرة نظرت وداع وقد تأهبت للإقلاع بعد أن فقدت الأمل وسلمت أمري لله وقلت في نفسي (يا رب احفظهم ووصلهم بالسلامة) ثم عدت أدراجي حزينًا للصالة الخارجية فوجدت حقيبتي تنتظرني وقد أعيدت لي من الطائرة (لو سمحوا لي بركوب الطائرة لكان ذلك أسهل في الوقت من البحث في الطائرة عن حقيبتي وإنزالها) كان الزمن هنا يسير بطيئًا جدًا جدًا بل كأنه قد توقف تلك الليلة.


خضعت للأمر الواقع وحمدت الله على ما كتبه، وذهبت لموظف التذاكر وحجزت تذكرة جديدة على رحلة الصباح وقد خسرت قيمة تذكرتي الأولى حسب الموظف. ألهمني الله بملازمة الاستغفار حتى يصل أخي، كنت قد تعلمت أن الاستغفار والصلاة على رسول الله لا سيما وقت الأزمات والمحن لهما تأثير فوري عجيب ولي تجارب في ذلك، ثم خرجت من المطار حيث مواقف السيارات أنتظر أخي، وإذا بصوت يناديني باسمي من بوابة المطار (تعال تعال) حتى وصل عندي وقال تعال الطائرة توقفت لظرف معين وسيتأخر إقلاعها حتى 11 مساء ويمكنك الركوب الآن، وجاء موظف الحجز وقال لا بأس ستعود فلوسك التي دفعتها لرحلة الصباح إلى حسابك (هنا أشكرهما على ذلك) لا أخفيكم شعرت بأنني أحلم وغير مصدق ما ذكره الرجلان.

معقول هذا (اعتبرت ما حدث شيء رباني من فوق ليس للبشر فيه تدبير) رجعت معهما وصعدت الطائرة، وأقلعت الطائرة ووصلنا والحمد لله إلى جدة.

بعض الفوائد من القصة:

1- الاستغفار والصلاة على رسول الله فيهما سر عجيب فلنحرص عليهما دائمًا خاصة وقت الأزمات.

2- لا تجزع ولا تقنط فرحمة الله واسعة والخير فيما يختاره الله.

3- لا تشغل نفسك بشيء يشغلك عما هو أهم.

4- بعض موظفي الخطوط يحتاجون توعية في كيفية التعامل مع ضيوفهم في مثل هذه الظروف (في البداية أزعجني تصرفهم ولكن في النهاية أكرمني الله وما قصروا معي).

5- كابتن الطائرة كان بإمكانه السماح بإركابي لكنه رفض رغم أن مطار بيشة صغير والطائرة بينك وبينها أمتار (تذهب إليها مشيًا).