لا أنقل تلك الكلمات المذهبة هنا من باب الوهج الإعلامي أو الزخرفة أو التفنن في الإطراء أو تلوين الصورة على شكل المديح الباهت الذي يشبه الطاعون للمسؤول، أو قد يصيبه بالتسمم ففي الغالب بعض الثناء سرعان ما يكفن ويدفن في مهده فأنا هنا أحمل وزر الكلمة كما أحمل حسناتها، وإنما جاء النقل أعمق وأصدق لحقيقة رأيت غرسها في عيون الأجيال الشابة من باب (أحذو حذوه).
لذلك أكشف لكم نقاب الجمال عن موقف جميل لرجلين وامرأة رفعت لرئيس مركز بحر أبوسكينة سلطان الحذيفي عن مبادرتهم بالتبرع بجزء كبير من أملاكهم الخاصة ليقام عليها أحد المجمعات التعليمية للبنات (ثانوي - متوسط - ابتدائي) وبمواقف واسعة بلا مقابل، وقد بدأ تشغيله لهذا العام بفضل الله وكرمه ثم كرم قيادتنا حفظهم الله، فقدمت إليه المرفوع من باب الإحاطة والإكبار لفعلهم، وكان الرئيس الجديد في ذلك الحين يباشر مهام عمله في ساعاته الأولى من المسؤولية فما كان منه بعد أن أنهى الاطلاع إلا أن يقول كلمات كانت من أرقى أنواع التعبير: (أشكرهم من كل قلبي وإن كنت لا أدري كيف تتسع كلمة الشكر للتعبير عن كل ما في قلبي فهذا الموقف العظيم الذي يبقى نصب عيون الأجيال.. لا ينتهي بشرح قصير والإيعاز للموظف ليتولى مضمونه بل سيكون تحت عناياتي الخاصة، ولا يمكن أن أطلب من أهل العطاء زيارتي في مكتبي فيفقد العطاء الوجه الجميل، وسيبقى المرفوع تحت عنايتي الخاصة للتنسيق العاجل جدًا وأنا من الشغوفين بمثل هذا المبادرات، وإن كنت لا أجد ما يتجاوز العطاء غير أنني سأقوم بزيارتهم في منازلهم عساها أن تبلغ ما في القلب إلى القلب فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ثم بعد ذلك سيرفع للجهة المختصة وفق التدرج المعتاد لتقدير جهودهم).
الذي جعل هذه الكلمات موضع الإعجاب وفي أرفع الدرجات وازداد حسنها وجمالها وجعلها أكثر قوة وأعظم قدرًا هو استشعار المسؤول قيمة عطاء أصحاب المبادرة والتنسيق حول زيارتهم في منازلهم، وكان موقفه يدلل دلالة واضحة على اهتمامه وحرصه، وهو بذلك يرسم الصورة للشخصية الفذة المميزة والتأسي بأمير منطقة عسير في نبضه وحبه وشغفه والإسهام في تفعيل رؤية الارتقاء من خلال مقولته الشهيرة (لا ننزل بل نرتقي) عند زيارته لمسنة في إحدى المحافظات.
فيا لجمال الارتقاء وقيمته في الروح التي تعيش فيه.