وغلب على لفظة الريح العذاب.. وإن كانت هناك تسمية في القرآن ريح طيبة وريح عاصف (هو الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) مما ورد في نصوص السنة عن الريح.. الريح الطيبة تلك التي تهب من اليمن كذلك الريح الباردة في الشام.. حين فساد المكان والزمان في آخر الزمان ويتمنى الرجل الموت مما يعايشه من البلاء والفتن فتهب ريح من اليمن رحمة بهؤلاء وتسلمهم للآخرة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ، أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ، فَلاَ تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ قَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ: مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلاَّ قَبَضتهُ». رواه مسلم.
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاك الدجال.. قال النبي صلى الله عليه وسلم «ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه» وفي رواية «فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع».
وفي الجمع بين هذا الحديث وحديث الباب إشكال مفاده أن حديث الباب على أن الريح من اليمن وحديث ابن عمرو من الشام قال النووي: «ويجاب عن هذا بوجهين: أحدهما: يحتمل أنهما ريحان شامية ويمانية، ويحتمل أن مبدأها من أحد الإقليمين ثم تصل الآخر وتنتشر عنده، والله أعلم. وإجهازها على المؤمنين حتى من في قلبه مثقال ذرة إيمان دليل على أن القيامة لا تقوم إلا على من لا يعرفون الله شرار الخلق.. وتأكيد على أن الإسلام سيبلغ ما بلغ المدر والوبر ثم ينتهي المسلمون بفعل حدث مهيب.. أما ماورد في أمثلة ريح العذاب فأشهرها ما جاء في نص القرآن.. (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) والصر شديدة البرودة وقيل صوت الرياح تصر من شدتها». وعنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نُصِرْتُ بالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ».. وفي السنة أيضًا وردت الريح الحمراء كمثال على ريح العذاب فعَنْ عَلِيِّ بْنِ اَبِي طَالِبٍ، قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «اِذَا فَعَلَتْ اُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلاَءُ». فَقِيلَ وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «اِذَا كَانَ الْمَغْنَمُ دُوَلا ًوَالاَمَانَةُ مَغْنَمًا وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا وَاَطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَعَقَّ اُمَّهُ وَبَرَّ صَدِيقَهُ وَجَفَا اَبَاهُ وَارْتَفَعَتِ الاَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ اَرْذَلَهُمْ وَاُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ وَلُبِسَ الْحَرِيرُ، وَاتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الاُمَّةِ اَوَّلَهَا فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ أو خَسْفًا وَمَسْخًا» وطرحنا هذا كطلاب علم لا يلغي الرجوع إلى العلماء في التفسير والإسناد والإخراج فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا سيد المرسلين.