أمثال عديدة ومتكررة تتردد على مسامع الصغار، ربما تتجه بهم إلى اتجاهات قد تؤثر على طبيعة علاقتهم بمن حولهم، أمثلة تدعو إلى انحراف العاطفة نحو أهل الأم، من بينها "الخال والد" ، يعزز ذلك العلاقة القوية التي تربط الأبناء بأخوالهم، فهل من تفسير علمي لتلك العلاقة؟ وماهي أسبابها؟ وهل من مؤثرات خارجية تسهم في تلك العلاقة؟.
نورة ضيف الله (معلمة في المرحلة الابتدائية وأم لستة أطفال) تقول "الأم هي المربية، ولها أدوار عدة ومهام كثيرة ومتنوعة، ومهارات يصعب تحديدها، فهي وحدها المسؤولة عن كل ما يتعلمه الطفل خاصة في السنوات الأولى من عمره، لا سيما فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية، وتنشئة الأطفال تنشئة اجتماعية وأسرية سليمة مبنية على المحبة والاحترام لكلا الطرفين، سواء أقرباء الأب أو الأم".
وترى نورة أن على الأم مسؤولية توجيه أبنائها فيما يتعلق بالتواصل الأسري سواء مع الأعمام أو الأخوال، وأن تحرص كل الحرص ألا يطغى جانب على آخر، وأن تعمل على تكوين العلاقات الحميمة المتوازنة مع كلا الطرفين.
وتشير عائشة العازمي (مشرفة تخصص دراسات إسلامية) إلى أهمية العلاقات الأسرية، وغرس التواصل مع الأهل في نفوس الأبناء، وحثهم عل ذلك منذ الصغر سواء لأقارب الأم أو لأقارب الأب، حيث تقول "لا أحد ينكر انجراف عاطفة الأطفال نحو أمهم، فهي فطرة في النفس البشرية، ولكن في المقابل على الأمهات إن يتقين الله في أبنائهن، وأن لا يستغللن تلك العاطفة في تسخير الأبناء لأقربائهن فقط".
وتضيف عائشة أن "تعاليم الدين الإسلامي هي الأساس الذي يجب أن نعتمد عليه، لكي ينمو أبناؤنا بشكل سليم سواء جسدياً أو نفسياً، فغلبة جانب على آخر ستؤثر وبلا شك على نفسية الأبناء"، مشيرة إلى أن عاطفة الأبناء يجب أن لا تقتصر من قبل الأمهات على أقربائهن فقط، ولابد أن يحرصن على تواصل أبنائهن مع أهل الأب والأم بالتساوي، وأن يحرصن على زرع المحبة في نفوس أبنائهن منذ الصغر.
وتقول أخصائية علم الاجتماع عنود السالمي إن "العلاقات الإنسانية يجب أن تكون متوازنة بين الطرفين، سواء من طرف الأب، أو من طرف الأم، لكي ننعم بمجتمع سوي مبني على العلاقات الحميمة التي تسهم في تكوين المجتمع الصغير للأبناء وهي الأسرة".
وتضيف أن "العلاقات التي تربط بني البشر ولا تكون مقتصرة على أقارب الأم أو الأب لابد وأن يسودها الانسجام والتفاهم، وقوة تلك العلاقات أو ضعفها ترتبط بعدة مؤشرات قد تؤثر فيها؛ منها ضعف التواصل الأسري للطرفين، أو لربما التوجيه غير السليم من قبل الوالدين، الذي قد يؤثر قي صحة الأبناء النفسية.
وتستطرد قائلة "ليست هناك ثمة نظرية علمية تثبت الولاء سواء للأخوال أو للأعمام ، ولربما يحكم انجذاب الأبناء لأخوالهم أو لأقربائهم من طرف الأم تلك العلاقة الحميمة التي تربط الطفل بوالدته، وملازمته لأمه خاصة في طفولته المبكرة، التي لربما أثرت وبشكل غير مباشر في تقوية العلاقة مع الأخوال".
وتشاطرها الرأي أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي حيث تقول: "ما يحكم العلاقات الأسرية بين الأبناء وأقرباء الأم أو الأب هي العلاقات الودية، والتواصل الأسري، والتفاعل الاجتماعي بين الأسر".
وتضيف "قد يكمن السر في تلك العلاقة التي تربط الأبناء بأخوالهم إلى الأريحية التي يلحظونها أثناء مرافقة والدتهم إلى أهلها، والانسجام، وعدم التكلف، والبعد عن الرسميات التي تلتزم بها الأم أثناء زيارة أهل زوجها، بحكم أن أعمامهم الذكور غرباء عنها، وليسوا من محارمها".
وترى مسفرة أن "كثيراً من الأمهات يتخذن الحيطة أثناء زيارة أهل الزوج، فعندما تهم بزيارتهم تجدها تنهال على صغارها بالتعليمات والتوجيهات بضرورة الالتزام بالأدب، والتصرف اللائق حتى لا تتعرض للانتقاد من قبل أهل زوجها، وتلك التوجيهات الصارمة لا تذكرها لأطفالها عند زيارة أهلها، وهذا تصرف سلبي من قبل بعض الأمهات، لأنه قد يساهم في إرسال إشارات سلبية لأطفالهن قد تؤثر في علاقتهم مع أهل الأب".
وتنوه أخصائية التربية الأسرية بضرورة الموازنة بين العلاقات الأسرية لكلا الطرفين دون ترجيح كفة على الأخرى، وتلك الموازنة بطبيعة الحال قد يكون للأم دور بارز في تشكيلها بحكم قربها من أبنائها.