تحسر عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق على فعل بعض الساعين لأن يكونوا قضاة قائلا "ابتلينا في هذا الزمان بمن يتمنى منصب القضاء ويسعى للحكم ويطلبه وربما يشتريه"، داعيا طلبة العلم إلى الرجوع لما كان عليه السلف من عدم التعيين في الأحكام ومخاطبة الناس في الفتوى دون تعميم.

وطالب المطلق خلال مداخلته في مناقشات مؤتمر ظاهرة التكفير في المدينة المنورة بتشكيل لجنة لبث محاضرات المؤتمر عبر وسائل الإعلام والإنترنت لإيصال خلاصة وتوصيات هذا المؤتمر لعموم الشباب الذين يقبعون في السجون والذين لا يزالون يحملون بعض الأفكار المتطرفة في مسألة التكفير.

وأضاف: يجب أن يكون في صالات القضاء مؤسسات اجتهاد جماعي تدرس ظاهرة التكفير وتدقق القول المنسوب للمتهم ويصدر فيه حكم من جماعة المجتهدين لأن الردة من الحدود التي يجب تطبيقها.




"التكفير حكم بالردة والحكم بالردة حد" قالها عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق مستغرباً.. بعد أن طلب من اللجنة المشرفة على مؤتمر "ظاهرة التكفير: الأسباب- الآثار- العلاج" إعادة ترتيب ومنتجة المحاضرات التي ألقيت في المؤتمر صباح أمس، ومتحسراً على من يتمنى منصباً في القضاء ويسعى له وربما "يشتريه".


تطبيق الشرع

وقال الشيخ المطلق خلال مداخلته في قاعة المحاضرات بفندق مريديان المدينة "لا بد أن تشكل لجنة لبث المحاضرات عن طرق وسائل الإعلام والإنترنت لإيصال خلاصة وتوصيات هذا المؤتمر لعموم الشباب".

وتابع من المعضلات التي تواجه القضاة من حيث عرض الجريمة وأدلة الإثبات والقوادح في الأدلة ودفوع المتهمين.. وأضاف يجب أن يكون في صالات القضاء مؤسسات اجتهاد جماعي تدرس ظاهرة التكفير ويدقق القول المنسوب للمتهم ويصدر فيه حكم من جماعة المجتهدين لأن الردة من الحدود التي يجب تطبيقها.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء "ابتلينا في هذا الزمان بمن يتمنى منصب القضاء ويسعى للحكم ويطلبه وربما يشتريه"، و دعا عضو هيئة كبار العلماء طلبة العلم للرجوع لما كان عليه أهل العلم من عدم التعيين وتفعيل سنة النبي صلى الله عليه وسلم في "ما بال أقوام" ونهج السلف الذين يخاطبون الناس في الفتوى دون تعميم.

وجاء جواب مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد العقلا الذي كان يدير الجلسة السادسة للمؤتمر حاضراً، بقوله "ستقوم اللجنة المشرفة على المؤتمر بترجمة محاضرات المؤتمر للغتين الإنجليزية والفرنسية وبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة".





التكفير يبدأ بموقف

وعن الأسباب المؤدية لظاهرة التكفير، بين الأستاذ الدكتور العربي فرحاتي في دراسته (تكوين الاتجاهات التعصبية والتكفير, أية علاقة) أن ظاهرة التكفير, كظاهرة نشأت أصلاً داخل الفكر الديني وحقوله المعرفية، صاحبت المعرفة الدينية في كل العقائد التي عرفتها البشرية، وتأسيساً عليها كظاهرة انقسم الناس منذ القديم إلى مؤمنين وكافرين، وتتعلق بموقف يصدر عن فرد أو جماعة أو هيئة تجاه تصرف أو قول فرد آخر أو جماعة أو هيئة يقضي بانحرافه عن الدين وجحوده وإنكاره لما هو معلوم من الدين بالضرورة ويخرجه عن ملته، بناء على فهم أو تأويل وتفسير محدد لمقولات الدين ومقتضيات الإيمان.

فيما شخّص الدكتور عمار علوان في دراسته (أثر وصفية الخطاب الحركي لتردي المجتمعات الإسلامية في تنمية الفكر التكفيري ومقارنتها بالخطاب النبوي) ما كان له الأثر في تنمية الفكر التكفيري بين المسلمين -خاصة شريحة الشباب- خطب بعض المفكرين الحركيين التي أغرقت في وصف المجتمعات المسلمة بالجاهلية، بل بعضهم قد أنزل المجتمعات المسلمة المعاصرة منزلة المجتمع المكي في التشريع، فبهذا الوصف صار أفراد الجماعة الحركية هم المؤمنون حقا، ولهم أمير يعطونه البيعة على السمع والطاعة.. وما دونهم هو مجتمع جاهلي..


عوامل تربوية

وقدم الباحثان الدكتور أحمد القواسمة والدكتور عبدالشافي علي بحث (العوامل التربوية غير السليمة المؤدية - إلى انتشار ظاهرة الفكر التكفيري لدى الشباب من وجهة نظر طلبة جامعة الملك فيصل) تطرقا من خلالها إلى العوامل التربوية غير السليمة المؤدية إلى انتشار ظاهرة الفكر التكفيري لدى الشباب من وجهة نظر طلاب جامعة الملك فيصل، حيث بلغت عينة الدراسة 300 طالب وطالبة وأشارت نتائج الدراسة إلى أن العوامل التربوية غير السليمة المتعلقة بالمعلم كانت أكثر العوامل المؤدية إلى انتشار ظاهرة الفكر التكفيري وبمتوسط مقداره 3.66، ثم البيئة المدرسية وبمتوسط 3.64، فالمنهاج بمتوسط 3.46 وأخيرا الطالب بمتوسط 3.43، وأشارت النتائج إلى أن العوامل التربوية غير السليمة المؤدية إلى انتشار ظاهرة الفكر التكفيري لدى الشباب من وجهة نظر طلبة جامعة الملك فيصل كانت مرتفعة، كما أشارت النتائج إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية لانتشار ظاهرة الفكر التكفيري تعزى لمتغيري (الجنس، التخصص).


تبني المعتقدات

أما أستاذ أصول الفقه المشارك بكلية الشريعة جامعة الطائف الدكتور فهد الجهني فقدم بحثاً بعنوان (التكفير بين العلم والجهل) قال فيه "إن المتأملَ في ما يقع فيه أصحاب الأفكار المختلفة، والذين يصدرون عن فكرٍ معين يدفعهم لتبني معتقدات ومواقف فكرية أو حركية، ولا يوفقون لإصابة الحق؛ ويخالفون ما عليه عامةُ علماء الأمة من ثوابث وتصورات؛ يعلمُ أن لذلك أسباباً، ولكني أقول: إن السبب الرئيس أو أظهر الأسباب؛ والذي قد تؤول إليه الأسباب الأخرى هو الجهل بمعنى: قلة العلم أو عدمه".

وأجاب الدكتور بكر عبدالله في بحثه (الأسباب النفسية لظاهرة التكفير) على سؤال: كيف يسوغ للمؤمن أن يُقْدِم على التكفير لأدنى شبهة؟. ويتمثل نطاقه في استقصاء الأسباب والعوامل النفسية التي قد تدفع الفرد إلى الوقوع في شرك الغلو في اتخاذ قرارات تكفيرية للأفراد والمجتمعات، والتي لو أخذت بعين الاعتبار وسلم منها الفرد لكان للقرار وجهة مختلفة، يعصم الفرد بها نفسه من التردي في مهاوي الزلل، ويمنع عن الآخرين أبشع التهم،ويجنب المجتمع أشد الفتن، فالوقوف على هذه العوامل إنما يعد تشخيصاً تمهيدياً للعلاج.


الجهل

وتناولت الدكتورة عفاف مختار (الأسباب المؤدية لظاهرة التكفير) أهمية الموضوع وأسباب اختياره وأهدافه ومنهجه والأسباب المتعلقة بالجهل المؤدية للتكفير، وفيه ثمانية مطالب تبين الأسباب الداعية إلى التكفير والجهل بالوحي وبالعقل السليم، والجهل بمنهج السلف الصالح وبدلالات النصوص وأسباب النزول والسنن الربانية، و الجهل بحقيقة الإيمان والجهل بمراتب الأحكام والناس، والجهل باللغة العربية والتاريخ. وتناولت الأسباب المتعلقة بالهوى والتي تؤدي إلى التكفير والأسباب المتعلقة بالتأويل الخاطئ الذي يؤدي إلى التكفير والتبديع.

فيما تناول الباحث الدكتور محمد العقيل بدراسته (تيسير العلي الكبير ببيان الأسباب المؤدية إلى التكفير) أهم أسباب الوقوع في التكفير, ومنها :الجهل، وأقسامه وعلاقته بالتكفير، واتباع الهوى، وذمه في الشريعة الإسلامية، وأثره في التكفير، والتأويل الخاطئ ومفهومه، وبعض صوره، و مخالطة الجماعات المنحرفة، والتلقي عنهم، وحكم الانتماء إليهم وأهدافهم وكيفية تأثيرهم.

وسلطت الباحثة الدكتورة نورة المحمادي في بحثها (الجهل بمدلول مصطلح العصمة من الناحية الفقهية ومدة تأثيره على الفكر التكفيري: تأصيل وتطبيق) الضوء على جهل الفكر التكفيري بمدلول العصمة وأساسها في الشريعة الإسلامية, وقرر أن العلم بمدلول العصمة ما هو إلا بداية طريق في سبيل نشر العلم على أسس شرعية علمية واقعية، وقد ظهر له من خلال الدراسة أن مقتضى العصمة وغايتها حفظ النفوس أيا كان جنسها وصفتها وأن سفك الدماء بالاغتيالات والتفجير ونحوه من قبل التكفيريين اعتداء صريح على هذه العصمة التي جاءت الشريعة الإسلامية بحمايتها وتأثيم من يعتدي عليها وعقابه في الدارين ثم دارت الحوارات والنقاشات حول موضوع الجلسة.

كما أكد المحاضر الدكتور محمد الشامي في محاضرته التي ألقاها صباح أمس تحت عنوان "عقلية التكفير وسمات شخصيته الخصائص والأسباب والعلاج رؤية طبية نفسية" أن التركيز على الجوانب النفسية والتعرف على شخصية الذين يحملون فكر التكفير والتفجير عن قرب من شأنه أن يعطي نتائج إيجابية وقصيرة تساهم في عودة المتطرف للجادة الصحيحة.


تطرف وتحمس

وقدم الدكتور بدر البدر بحثا بعنوان التحذير من الغلو في ضوء القرآن الكريم، قرر فيه أن الغلو في الدين آفة قديمة ابتليت بها الأمم قبلنا, كما ابتليت بها هذه الأمة, وأن للغلو مرادفات كثيرة منها التنطع والتعمق، والتشدد والتعنت، والتطرف والعنف والتحمس, والأدلة على التحذير منها والنهي عنها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، مضيفا أن وسائل علاج ظاهرة الغلو الوضوح والشفافية، والصراحة في طرح هذه القضية ومناقشتها بموضوعية.

كما استعرض الدكتور جمال عبدالحميد في بحثه "الغلو وأثره في ظاهرة التكفير" حقيقة الغلو، وأسبابه، ومظاهره، وعلاجه, مبيناً أثر الغلو في التكفير, ثم انتقل إلى نشأة التكفير وجذوره التاريخية, وأنواعه, وخطورته, وضوابطه, والعلاقة ما بين الغلو والتكفير, ومظاهر الغلو في التكفير, والحكم على المعين بالكفر دون مراعاة الضوابط الشرعية.

فيما قال الدكتور رضا أمين في دراسته دور وسائل الإعلام في الترويج للأفكار التكفيرية :إنه مع تعدد أشكال وسائل الاتصال وتطورها تطورا كبيرا في المرحلة الراهنة، وجه إليها الاتهام بأنها مسؤولة عن انتشار ثقافة التكفير، وذلك لأسباب كثيرة قد يكون منها غياب أو نقص الكفاءات المهنية القادرة على توجيه المجتمع".


الغلو

وقدم الدكتور صالح الرفاعي دراسته "الغلو في الدين سبب من أسباب ظاهرة التكفير" تناول الباحث في الدراسة مسألة الغلو في الدين، مشيرا إلى سماحة الإسلام, وأنه دين الرفق والرحمة, بعيداً عن العنف والقسوة, وسط بين الغلو والجفاء والإفراط والتفريط.

وقدمت الدكتورة غادة الحليبي بحثا بعنوان "موقف السنة النبوية من الغلو في الدين" أوضحت من خلاله موقف السنة النبوية من الغلو, مع بيان يسر الشريعة الإسلامية وقد توصلت إلى أن الغلو يفرق المسلمين، ويضعف شوكتهم، وهو من أهم الأسباب المؤدية للتكفير الذي يترتب عليه قتال المسلمين.

وتحدث الدكتور عبدالقادر صوفي في دراسته "الأسباب الفكرية المؤدية لظاهرة التكفير"عن الأسباب الفكريَّة المؤدّية لظاهرة التكفير، ومنها الجهل، وهو التلقي غير المنضبط للعلم, متناولا الجهل بحقوق ولاة الأمر، والجهل بحقوق المسلمين، والجهل بمقاصد الشريعة، والجهل بمفهوم الولاء والبراء، والجهاد.

وقال الدكتور إدريس مقبول من المغرب في ورقته التي ألقاها بعنوان "الأسباب الفكرية لمنزلقات التكفير" :إن أسبابه فكرية مركبة، ويحتاج النظر الموضوعي للظاهرة التوقف عند أهم هذه الأسباب, في محاولة للبحث عن علاجات لهذه الأسباب من خلال التعليم والتربية والحوار الهادئ الرصين".


تساهل

ومن ضمن ما قدم في المؤتمر، دراسة للدكتورة حنان جستنية عن الأسباب الفكرية لظاهرة التَّكفير جاء فيها "إنَّ التَّكفير في الفكر المعاصر عند كثير من النَّاس لمْ يعد أمرًا شرعيًّا مضبوطًا بضوابط العلم وأصوله، بل أصبح ظاهرة سلبية، أُخرجت عن مفهومها الشَّرعي، وترتب على ذلك التَّساهل في إطلاق الحكم بالكفر والرِّدة".

فيما تناول الدكتور عبدالعزيز الظفيري في دراسته "الأسباب الفكرية المؤدية لظاهرة التكفير" أسباب ظاهرة التكفير الباطل وخطر التكفير حيث أكد الباحث على خطورة التكفير وما يترتب عليه من أمور، والأسباب المفضية إلى الجهل لدى من كفر بالباطل.

وقدم الدكتور مصطفى ياحي دراسة بعنوان "كفر الاستحلال: المفاهيم والضوابط ورد الشبهات" بين فيه المفهوم الصحيح لكفر الاستحلال، وتصحيح الفهم الخاطئ لبعض المسائل الفقهية المبنية على سوء فقه كفر الاستحلال، وتناول تعريف الاستحلال وصلته ببعض المفاهيم كالجحود والتكذيب، والوقوف على أقسامه وبيان ما يكفر منها وما لا يكفر.