سيطرة «طالبان» على أفغانستان هي الحدث العالمي الأبرز الذي تتقاطع حوله كل التحليلات عما تحمله المرحلة القادمة، وأي دور قد تلعبه «طالبان» في آسيا، وعلاقتها مع روسيا والصين وباكستان، وانتهاء صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإمكانية استعمال واشنطن لها في نزاعها ضد طهران، لكن على الرغم من ذلك، فإن هناك تخوفا من عدم استمرار سلوك «طالبان» الهادئ طويلا، فقد تعاود عملياتها العسكرية خارج حدودها أسوة بالعديد من التنظيمات الأصولية مثل جماعة «الإخوان» وميليشيا «حزب الله».

التوسع المحدود

في هذا السياق، أكد الباحث السياسي زكريا الغول، في تصريح خاص، الاختلاف الجذري والعقائدي بين حركة «طالبان» الأفغانية وميليشيا «حزب الله» وجماعة «الإخوان المسلمين»، لكن في المقابل يجمعها الرغبة الواضحة في الوصول للسلطة والإطباق عليها.


ويشرح «الغول» كلامه قائلا: «تختلف حركة «طالبان» عن بقية التنظيمات المتشددة مثل «حزب الله» و«الإخوان المسلمين» في أنها غير معنية بالتوسع خارج إطار أفغانستان، وهذا يختلف كليا في حالة «حزب الله» مثلا، بصفته فصيلا متقدما من الحرس الثوري الإيراني، الساعي للتمدد داخل الدول العربية، وهذا ما حدث بالفعل في العراق واليمن وسورية ولبنان.

وبالعودة إلى تصريحات قادة «طالبان»، يتبين أن الحركة استفادت من تجربتها السابقة في الحكم، حيث أظهرت عدم رغبتها في مواجهة جيرانها، لكن الموضوع ما زال في بدايته، والمتغيرات قد تترك أثرا لاحقا على سلوك الحركة بعد دخول الصين وروسيا وباكستان على خط رعاية مصالحها في المنطقة، ناهيك عن الدور الأمريكي وما تريده في آسيا».

ترحيب جماهيري

بيّن «الغول» أن هناك ترحيبا من الجمهور لا بأس فيه بالمنطقة، ولا سيما السني، باستعادة «طالبان» السلطة في أفغانستان، مرجعا هذا إلى «الشعور برغبة كبيرة في ظهور قوة تتصدى للغطرسة الإيرانية، حيث عادت الحماسة لظهور قوة في مواجهة التشدد الإيراني المغلف بطابع ديني. ففي لبنان مثلا، قد تعمدت بعض المنظمات المتشددة استغلال صعود «طالبان» في محاولة للحد من سطوة «حزب الله»، لكنه سيكون محدودا جدا، مع الأخذ في الاعتبار حجم الإحباط السني القائم على تحالف «حزب الله» مع تيار رئيس الجمهورية ميشال عون، خصوصا أن ذلك الأخير تهدف سياساته إلى ضرب المكون السني في لبنان عبر تكبيل رؤساء الحكومات».