في تظاهرة ثقافية جمعت حشداً كبيراً من المثقفين والأدباء من داخل المملكة وخارجها، توج أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ الأمير خالد الفيصل الفائزين بجوائز عكاظ في حفل إطلاق السوق مساء أمس نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وقدم مخرج الحفل الفائزين للحضور بصورة فنية مختلفة عبر لوحات مسرحية، وتسلموا جوائزهم من يد أمير المنطقة وهم: الفائزون بجائزة الخط العربي السوري محمد فاروق حداد، والمصري عبدالرحمن الشاهر، والفائزان بجائزة التصوير الضوئي، وهما: عن فئة فوق 18 سنة السعودي رائد سفر البقمي، وعن فئة أقل من 18 سنة المصري جلال رفعت المسري.
وكرّم الأمير خالد الفائز بجائزة "لوحة وقصيدة" الفنان التشكيلي السوداني عوض أبوصلاح، والفائزيْن بجائزة الإبداع والتميز العلمي المستحدثة للمرة الأولى في هذا العام الدكتور أحمد صالح العمودي من جامعة الملك عبد العزيز، والبروفيسور عبدالعظيم فاروق جاد.
وتخلل الحفل المسرحي لإطلاق فعاليات السوق أوبريت شاعر السلام الذي قدمه مخرج الحفل أيضاً بصورة مغايرة في اللوحة الأولى من العرض المسرحي، عبر 3 لوحات فنية راقصة وتمثيلية استغرقت 15 دقيقة، وقدمه 30 راقصاً من فرقة جدة الفنية. ليتلوه عدد من اللوحات التي تخللتها كلمة للرئيس العام لهيئة السياحة والآثار الأمير سلمان بن سلطان، قال فيها "إن سوق عكاظ فرصة سانحة للاجتماع في هذه المملكة، بلد الحضارات ومهد الرسالات، وقد كان سوق عكاظ والحج وسيلتا الاتصالات بين الشعوب، واليوم نؤكد الدور الذي تقوم به المملكة الآن، التي تضطلع بدور أصيل ناتج عن تاريخ أصيل ومكانة مرموقة".
وبين أن إحياء المواقع التاريخية بما يلامس العقيدة والدين هو جزء من تمثيل هذا البعد الحضاري الذي يجب أن نعيشه ونتمثله في وقتنا الحالي، وهي مسألة مهمة تحاول الهيئة العامة للسياحة والآثار ومؤسسات الدولة الأخرى النهوض بها، مشيراً إلى أن المملكة تقف ورأسها عالية بين الأمم في المحافل الاقتصادية والقضايا السياسية الشائكة، وهذا هو قدر إنسان الجزيرة العربية وقدر أبناء المملكة في أن يعيشوا في هذا الموقع الجغرافي الحساس.
وأكد الأمير سلطان أن أكبر مكسب لهذا البعد الحضاري هو البعد الإنساني؛ فشخصية الإنسان في هذه البلاد تشكلت عبر التاريخ من تراكمات حضارية متعددة، وأتى الإسلام ليهذبها ويصقلها.
وأشار إلى أن الجميع يعلمون الأبعاد الثلاثة التي تميزت بها المملكة العربية السعودية، وهي البعد الديني والبعد الاقتصادي حيث باتت ظاهرة للعيان، إضافة إلى البعد الحضاري، وهو يحظى بدعم من خادم الحرمين الشريفين الذي تبنى مهرجان الجنادرية قبل ربع قرن. وأشار إلى أن حضارة المملكة غنية ومتأصلة في تاريخها.
وأكد أن سوق عكاظ هو إحدى نتائج هذا الاهتمام بالبعد الحضاري، وحيَّا سوق عكاظ وحيَّا أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الذي يتابع تطور هذا الملتقى السنوي حتى يصل إلى المستوى الذي يستحق.
وأعلن الأمير سلطان بن سلمان في نهاية كلمته عن صدور موافقة المقام السامي على تشكيل لجنة رفيعة من إمارة منطقة مكة المكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المالية والهيئة العامة للسياحة والآثار لدراسة تطوير شامل للطائف؛ يعيد للطائف مكانتها السياحية والاقتصادية، والرفع بذلك للمقام السامي. وتشمل الدراسة تطوير المحور السياحي للشفا والهدا وسوق عكاظ ومنطقة وسط الطائف التاريخية وتطوير المواقع الأثرية القديمة، وتطوير متحف الطائف وإعادة تأهيل وتطوير المشاريع الخدمية "خطة عشرية".
ثم تواصلت عروض حفل الافتتاح بمسرحية زهير بن أبي سلمى، من تأليف شادي عاشور وإخراج رجاء العتيبي، وأداء الفنانين عبدالله عسيري، ويعقوب الفرحان، وسعود العبداللطيف، وخالد صقر، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الفنانين الاستعراضيين والممثلين، وتضمنت استعراضاً كبيراً لمعركة داحس والغبراء ودور الساسانيين والمناذرة في إشعالها.
وكان الأمير خالد الفيصل، ووزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، وأمين الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان قد تجولوا قبل بدء الحفل المسرحي في جادة عكاظ التي تجاوز طولها الكيلومتر للسوق، ووقفوا على بعض العروض المسرحية وبعض الأعمال الحرفية، إضافة إلى جولة أخرى في معارض سوق عكاظ المتنوعة.
واطلعوا خلال الجولة في جادة عكاظ على محلات ومعارض وأركان للحرف اليدوية التقليدية، واستمعوا إلى شرح عن الأعمال والبرامج والفعاليات التي تنفذ في الجادة من أعمال مسرحية (درامية) تاريخية، وعروض مسرحية متنوعة (مسرح الشارع) تمثل جوانب الحياة والأنشطة التي كانت تجرى في سوق عكاظ قديماً وتؤدى باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى إلقاء الشعر العربي الفصيح وبخاصة المعلقات، وإلقاء الخطب التي بنيت عليها شهرة سوق عكاظ، ويؤديها ممثلون محترفون وهواة على طول الجادة من بينهم عدد من أبناء الدول العربية.
كما اطلع أمير منطقة مكة المكرمة على موقع يمثل أحد الأحياء التي كانت تقام في عكاظ يحتوي على عناصر مختلفة من الحياة في عكاظ مثل بيوت الشَعَر المصنوعة من مواد خاصة بعكاظ ومجهزة من الداخل على الطراز العربي.
وشاهد عروضاً لنماذج من الحياة اليومية المعروفة في عكاظ قديماً مثل مرور القوافل والشعراء على الإبل والخيل، وإلقائهم لقصائدهم وأدبهم في السوق باللغة العربية الفصحى، وعروضا للألعاب الشعبية والرياضات التراثية، ومحلات للحرف والصناعات اليدوية يعمل بها حرفيون وحرفيات من المملكة وبعض الدول العربية، بما في ذلك الحرفيون المرشحون لجائزة عكاظ للحرف اليدوية المقدمة من الهيئة العامة للسياحة والآثار .
بعدها زار محلات الأسر المنتجة للمأكولات الشعبية ومحلات بيع المأكولات والمقاهي وباعة المنتجات الزراعية والفواكه المنتجة في محافظة الطائف والمدن القريبة منها، إضافة إلى محلات عرض وبيع المقتنيات والقطع الأثرية وبيع الهدايا التذكارية التاريخية اليدوية، مثل المعلقات المكتوبة على رقاع من الجلد وغيرها، والصخور المنحوت عليها أبيات شعر من قصائد المعلقات، إضافة إلى عروض الفنون الشعبية من الفرق المشاركة في جائزة عكاظ.
.. ويهنئ الوطن بيومه
قال الأمير خالد الفيصل في تصريح صحفي عقب افتتاحه لسوق عكاظ ،" من حق سوق عكاظ أن يتزامن مع هذا الحديث – اليوم الوطني- باسمي واسم السوق وباسم كل من شارك ومن زار وكل من شاهد على التلفزيون أو قرأ عن هذا السوق في الصحف والمجلات، أن نتقدم إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني بأسمى آيات التهاني والتبريك بيوم الوطن العظيم، هذا اليوم الذي يفخر به كل مواطن سعودي لأن آباءه وأجداده ساهموا وشاركوا في بناء هذا الكيان العظيم ، هذا الكيان الذي يقف ثابتاً شامخاً معتزاً بدينه وإسلامه وبقيادته، في هذا الزمن الذي تهتز فيه الأرض تحت أقدام الكثير في هذه المنطقة من العالم .
هنيئاً للسعوديين بهذا الكيان ، هنيئاً للسعوديين بهذا الأمن وهذا الاستقرار وهذه التنمية وبهذه المشاريع وبهذا الأمل الباسم، الذي يتراءى لكل عين وعلى كل شفاه، للمواطنين بهذا البلد الذي يستحق التكريم ويستحق التبريك ويستحق الاعتزاز به.