على مدى الأيام الماضية اشتعلت الحرب بين الشركات الكبرى العاملة في مجال التقنية التكنولوجية، وشق الصراع حول الملكية الفكرية وبراءات الاختراع بين شركات بحجم "سامسونج" و"أبل" طريقه إلى ساحات المحاكم.
حيث قضت محكمة ألمانية بتأييد الحظر المفروض على بيع جهاز كمبيوتر "جالاكسي تاب" الذي تنتجه شركة سامسونج الكورية الجنوبية، مشيرة إلى أن "الجهاز يمثل افتئاتا على حقوق الملكية الفكرية الموثقة لشركة أبل". فيما رفعت شركة "سامسونج" دعوى قضائية دولية ضد "أبل" لمنعها من طرح هاتف "آي فون 5" في الأسواق، في وقت تصاعدت فيه حدة تبادل الاتهامات بتزوير التكنولوجيا والتصاميم بين الشركتين العملاقتين في مجال التقنية التكنولوجية.
كما رفعت سامسونج دعوى قضائية ضد فرع شركة "أبل" في فرنسا، حيث اتهمتها بانتهاك براءات الاختراع الخاصة بهواتفها عبر نسخ آي باد وآي فون، مشيرة إلى أن "أبل انتهكت ثلاث براءات اختراع خاصة بها فيما يتعلق بتكنولوجيا الهواتف المحمولة"، وهي الدعاوى التي ردت عليها شركة "أبل" بدعاوى مقابلة ضد فروع الشركة الكورية في أوروبا وأميركا وأستراليا أشارت فيها إلى أن "عائلة الهواتف المحمولة والكمبيوتر اللوحي جالاكسي التي تنتجها "سامسونج" تقلد أي فون وآي باد تماما".
صراع "سامسونج ـ أبل" أعاد إلى الأذهان صراعا أكثر حدة كان قد نشأ بين شركتي "مايكروسوفت وجوجل"، حيث اتهمت مايكروسوفت شركة جوجل بسرقة حقوق الملكية الخاصة بها، كما اتهمتها بسرقة الكتب والأعمال الفنية، سواء كانت أفلاما أو أعمالا موسيقية، أو برامج تلفزيونية دون الحصول على إذن مسبق منها، وهي الاتهامات التي جاءت في إطار اتهامات وجهتها المكتبات العالمية الكبرى لشركة جوجل بنسخ الكتب التي تصدرها دور النشر العالمية دون الحصول على إذن منها بذلك، وهو ما رفضته شركة جوجل على لسان مسؤوليها، والذين أكدوا أنهم "لم ينتهكوا قانون الملكية الفكرية وحقوق النشر"، مشيرين إلى أن "الشركة وفرت إعلانات بأكثر من 3.3 مليارات دولار لمواقع أخرى بما يؤكد حسن نواياها، كما أنها سارعت بحذف كل الإصـدارات التي طالب أصحابها بحذفها من على محرك البحث الخاص بجوجل".
من جهته، يقول رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت القاضي الدكتور محمد الألفي "إن الحكم في مثل هذه القضايا معقد للغاية، خاصة وأن حماية الملكة الفكرية فيما يتعلق بالتقنية التكنولوجية وخدمات المعلومات تختلف عن حماية الملكية الفكرية لمنتجات أخرى كالدواء على سبيل المثال".
ويضيف الألفي، في تصريحات إلى "الوطن"، أنه "من الصعب الحكم في قضايا تتعلق بتزوير التكنولوجيا والتصاميم، حيث تلجأ الشركات العملاقة مثل سامسونج وأبل وغيرها إلى تطوير التصاميم، وإدخال خدمات جديدة إلى المنتج التكنولوجي بما يجنبها الوقوع تحت طائلة مخالفة القوانين المعنية بحماية الملكية الفكرية، فمثلا لو كان شكل الجهاز مستطيلا تحوله الشركة إلى شكل بيضاوي، أو تقليل حجم المنتج، أو تجويد الصوت الصادر عن الجهاز، أو تعديل مستوى الصورة، وهو ما يجنبها السقوط في دائرة الافتئات على حقوق الملكية الفكرية، والتي تعني حماية حق النتاج الفكري الخاص بإصدار برنامج أو منتج معين".
ويرى ممدوح الشيخ (مؤلف كتاب "التجسس التكنولوجي.. سرقة الأسرار الاقتصادية والتقنية") أنه "بالرغم من حداثة حرب المعلومات، إلا أنها تعد أخطر أشكال التجسس على الإطلاق، فهي من الشمول والخطورة بحيث يمكن أن تصبح خلال سنوات قليلة أهم أشكال الصراع في العالم".
ويضيف أن "ظاهرة التجسس الاقتصادي والتقني دخلت مرحلة جديدة بعد الحرب الباردة، ففي أميركا انتقلت أجهزة الاستخبارات لمرحلة جديدة في أنشطتها عندما انهمك عملاؤها في جمع المعلومات المتعلقة بأوضاع الحكومات الأجنبية التي تدخل في مفاوضات تجارية معها، كما أصبحت تجمع بانتظام المعلومات الخاصة باحتمالات حدوث انطلاقة علمية أو فتوحات، واكتشافات جوهرية في معامل الدول الأجنبية، وكذلك القرارات التي تمس المصالح الأميركية".
ويقول الشيخ إنه "نظرا لأن التجسس الاقتصادي يستهدف في المقام الأول شركات تجارية، فإن خدمات التجسس والتجسس المضاد أصبحت سلعة رائجة، وكما كانت أميركا أول مكان تتبلور فيه الظاهرة، أصبحت أول مكان تظهر فيه وكالات تجسس خاصة تقدم خدماتها للشركات تحت اسم "الاستخبارات التنافسية"، ويقصد بها جمع المعلومات الصناعية وتحليلها وتوزيعها، وتضم العاملين في هذا المجال جمعية محترفي التجسس الصناعي التي تأسست عام 1986، ويبلغ عدد أعضائها نحو 2800 رجل منهم 80% أميركيون موزعون في 31 بلدا".