في الآونة الأخيرة لاحظت شيئا غريبا على مئات العمارات الجديدة التي أمر بها، فهي لا تنتهي أبدا، فالعمل يتوقف فجأة أو يسير بسرعة السلحفاة، أو بسرعة ملف مظلوم في إحدى الإدارات البيروقراطية.
لا يمكن أن يكون سبب هذا التباطؤ قلة المال أو قلة مواد البناء أو ندرة المقاولين، حيث أصبح منظر البنايات بشعا بسبب عدم التشطيب، فمن غير المعقول أن يصاب كل المقاولين بالكسل، فيبنون كل يوم طوبة أو يضعون كل يوم شباكا.
هذا الحال ينطبق كثيرا على بعض المدراء، فهم يقعون في فخ ما أسميه «عدم التشطيب»، بمعنى أنهم يكتفون بمجرد أخذ أساسيات التعليم، فيصبح منظرهم بعد مدة مثل العمارات أو البنايات التي لم يتم تشطيبها، فهي قائمة على أساسها، ولكنها غير صالحة للسكن أو الاستخدام، وفي النهاية، وبعد التقادم، يصبح لا بد من هدمها، وكذلك المدير الذي لا يتعلم، فهو لا يتقدم ولا يتطور، بل يتقادم وتجده أمضى سنين عديدة في الوظيفة، ولكنها سنة واحدة مكررة طيلة عمله.
الفخ الأكبر الذي قد يقع فيه المدير هو ما أسميه «خرافة عدم التعلم»، فهو بمجرد حصوله على المنصب يعتقد أنه يستطيع فهم أي شيء أو أنه الأفهم والأدرى بالفريق أو الموظفين، وهذه خرافة قد تقود صاحبها إلى التهلكة.
وكما أن المنزل يحتاج إلى تشطيب، وكما أن جهاز الكمبيوتر يحتاج إلى تحديث، وكما أن السيارة تحتاج الى صيانة دورية، كذلك المدير يحتاج إلى تحديث وتطوير مستمر، وذلك من خلال متابعة ودراسة أحدث العلوم والتكنولوجيا، والحصول على أحدث المهارات، خاصة في زماننا هذا الذي أصبح فيه التغيير سمة أساسية وسريعة جدا تسير بسرعة البرق.
من القصص المشهورة التي أتذكرها هي قصة السباق المحموم على تقنية الهاتف المحمول، حيث كانت المنافسة على أشدها حتى جاءت شركة «أبل» بمديرها التنفيذي «ستيف جوبز» وغيرت المفهوم تماما باختراع جهاز الهاتف بدون لوحة مفاتيح، وكان على الجميع مجاراة هذا التغيير السريع والتأقلم الصعب، فما كان من قائد السوق في زمانه إلا أن يخرج من المنافسة بسبب الإستراتيجية غير المناسبة للعميل، وعدم التسلح بأحدث التقنيات، ومواكبة التغيير، وعدم استطاعته المنافسة.
إن دور المدير ليس بحاجة إلى الإلغاء بل إلى التطوير، وفي الوقت الذي يتوقف فيه المدير عن التعلم المستمر وتطوير نفسه، فإن صلاحيته تكون قد انتهت، ويجب تغييره.