السعي وراء تشويه الفكر واختزال مفهوم «الفكر السوي» ولصقه بمعنى الانفتاح يندرج كليا تحت معنى «الهبوط الفكري».

الثقافة لم تعد كما كانت قبل خمسين سنة من الآن، تشكل مجموعات ثقافية راقية بغض النظر عن نوعها أكان شعرا، رواية قصصا أو حتى معاهد مسرحية على سبيل المثال. كما أن الصور الخادعة لحياة الرفاهية والحب المثالي باتت تهدد الثقافة، هكذا ببعض الكلمات المصفوفة، بأنه رجل مثالي خيالي، وبأنها امرأة تشبه بطلة أشعار نزار.

أن تُصور كتابا لكاتب مجهول وتثني عليه، ومن ثم تتشعب في أراءك حول الثقافة بِاختصار مفاهيمها دون الرجوع إلى الأساسيات لا يزيدك انفتاحا فكريا، بل يزيدك جهلاً وضياعا. الكتب التي باتت تتبعثر، والعناوين التي يروج لها، وتهميش أساسيات عالم القراءة، باتت تهدد مثالية ورقي الأدب !.


لا يُمكنك أن تبدأ بالقراءة في السيرة النبوية، وينتهي بك المطاف بقراءة مقال عن رأي كاتب لا تُعرف ما أبعاده وأهدافه، يروج لفكرة حذف العلوم والتاريخ من المناهج الدراسية لطلبة المدارس على سبيل المثال.

التشعب والمراهنة على أنك ستبقى على الضفة دون الغرق، فلا ضمان لبحر الثقافة، مثل ما أنه يوجد انحراف في شهوات الجسد، يوجد انحراف في القراءة والفكر، كفكرة الإدمان والتطلع لتجريب كتب جديدة. الأذواق تختلف، وقارئ الشعر لا تستهويه روايات الفانتازيا، وقارئ روايات الفانتازيا لا يحتمل سماع قصةٍ حقيقية.

التشعب في العلم تحت قوانين معينة، يزيدك علما ومكانة، وفي دائرة الدين الاستزادة تزيدك أمنا وهناء وتقربا، أما في القراءة دون إرشاد فستسقطك في متاهات الأفكار المشوهة، وصولاً إلى تشكيك في حقيقة البشرية والكرة الأرضية.