تختلف الشخصيات البشرية وتتباين خصائصها وأنماطها، فهناك شخصيات سليمة متزنة راقية رائعة متفائلة ولها أهميتها ووزنها، لما ينبثق منها من خير وصلاح وحب للآخرين ولما تقدمه من تضحيات ولما تحتويه من روية وسعة بال وتؤدة. ومنها على سبيل المثال، الشخصية الإصلاحية، والمتعاونة والمحفزة وغيرها من الشخصيات الإيجابية.

وعلى العكس من ذلك توجد شخصيات مريضة نفسيا مضطربة الوجدان قد تشكل خطورة على حياة الآخرين، منها الشخصية المتسلطة، والشكاكة، وكذلك الشخصية النرجسية الخبيثة وتعرف (بالسيكوباتية) وغيرها من الشخصيات السلبية الأخرى.

وما يهمنا في هذا المقال هو معرفة صفات الشخصية السيكوباتية أو النرجسية الخبيثة لسلبيتها الحادة في حياة البشر.


فتلك الشخصية منتشرة ومتواجدة في كل مجتمع، فقد تكون في أحد أفراد الأسرة أو الزملاء أو الأصدقاء أو في أحد الزوجين ويصعب على الإنسان تفادي التعامل معها.

ومن أهم ما يميز أصحاب هذه الشخصية هو شعور كبير بأهمية الذات وتضخيم الأنا، ويسعون جاهدين إلى استغلال الآخرين وتدمير حياتهم، لديهم الشعور بالاستحقاق الكامل لكل شيء. لديهم قدرة كبيرة على التملق والنفاق لإقناع الضحية للوثوق بهم، يمتازون بعدم التعاطف مع الغير مهما يكن مقدار الألم.

ومن الصفات الرئيسية لتلك الشخصية، انشغالها بتخيلات التألق والجمال والمثالية. كما أن السيكوباتي يتوهم أنه يمتلك صفات عظيمة يصعب على الآخرين الحصول عليها أو فهمها، ويعتقد أنه أفضل من الآخرين، فيشعر بالإهانة عندما يحاول أحد مساواته بالآخرين سواءً في المعرفة أو الملبس أو الحديث أو المكانة.

والنرجسي (السيكوباتي) يتوهم أن مشترياته وممتلكاته وأغراضه وملابسه وجميع ما يخصه أغلى وأثمن مما عند الآخرين. وفي المجمل فإن تلك الشخصية شخصية مرضية يصعب علاجها ويصعب التعامل معها، لما تسببه للآخرين من آلام وصعوبات في حال التعامل معها. ومن المهم إدراكه، أن نعرف أن تلك الشخصية ليس لصاحبها دور في تشكيلها وليس بيده تغيير واقعها، ولكنها حالة مرضية تصيب الشخص، وقد يكون للعامل الوراثي أو البيئة المحيطة أو التنشئة القاسية وغيرها من العوامل والظروف الأخرى الدور الحقيقي في وصول الشخص إلى تلك السلبية المفرطة.

وقد يساعد التشخيص المبكر للحالة على العلاج. ولهذا فإن المسألة المهمة للتخلص من تبعات التعامل مع تلك الشخصية السلبية، تحتاج إلى قرار سليم، إما أن تتجنبها إلى الأبد مهما تكن نتائج ذلك القرار ومهما تعني لك تلك الشخصية، وهنا يجب وضع حدود سميكة تمنع الاقتراب وخطط محكمة وجريئة للابتعاد وتلافي المتاعب.

أو الخيار الآخر وهو قرار التعامل مع تلك الشخصية، ولا سيما إذا كان الشخص مجبرًا لوجود هذا الإنسان في حياته لأي سبب كان. وهنا يتأكد وجوب التعامل بحذر شديد وبحكمة عالية، حيث إن التجاهل لبعض تصرفات تلك الشخصية، وعدم إعطائها الأهمية عند محاولة لفت الانتباه وإبراز الأهمية، تجدي نفعًا في كثير من الأحيان.

ومن الضروري كذلك عند التعامل مع تلك الشخصيات ألا تدعها تتلاعب بمشاعرك أو تفقدك ثقتك بنفسك. كما يجب أن يكون المتعامل مع أولائك الأشخاص على حذر من ردود الأفعال العكسية كالانتقام أو العدوانية في حال واجه عدوانيتهم أو أشعرهم بتعمد مقاومته لهم. وفي الأخير علينا ألا ننسى أنهم جزء من الأمة والمجتمع ويجري عليهم ما كتبه وقدره الله لهم.

فعلينا واجب الدعاء لكل مريض أو مبتلى بأن يشفيه الله ويعيده إلى الوضع الاجتماعي والنفسي الطبيعي كغيره من عامة البشر.